بالإضافة إلى المخاوف من تغلغل أبو ظبي فى أصول مصر، أثارت تعديلات أجرتها الحكومة المصرية على قانون إنشاء الصندوق السيادي للدولة، جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية، بعد أن تضمنت بنوداً تحصّن النظام المصري من أي ملاحقات قانونية، بشأن بيع أصول الدولة، وذلك بعد نحو شهر من إطلاق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، خطة مشتركة لاستثمار 20 مليار دولار في الصندوق.
ونصت التعديلات على مايلي : أن “يكون الطعن في قرار رئيس الجمهورية بنقل ملكية الأصول، أو الإجراءات التي اتخذت بناء على هذا القرار، من الجهة المالكة أو الصندوق المنقول له ملكية ذلك الأصل دون غيرهما”.
كما نص قانون تأسيس الصندوق، الذي أقره البرلمان في يوليو 2018، على أنه :
- “لرئيس الجمهورية، بناء على عرض رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص، نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة ملكية خاصة للدولة، أو لأي من الجهات أو الشركات التابعة لها إلى الصندوق”.
- للصندوق إدارة أمواله وأصوله بذاته، كما له أن يعهد بإدارتها أو بعضها إلى شركات ومؤسسات متخصصة في إدارة الأصول”.
وقالت نجلاء البيلي، رئيس لجنة “وحدة الأصول غير المستغلة” أمام البرلمان : إن الأصول المملوكة للجهات الداخلة في الموازنة العامة تبلغ قيمتها الدفترية نحو 619 مليار جنيه (38.6 مليار دولار)، بواقع 3214 أصلاً غير مستغلة جرى حصرها حتى الآن.
كان السيسي وبن زايد قد أطلقا ما وصفوه بـ”منصّة استثمارية استراتيجية مشتركة” في نوفمبر 2019، بقيمة 20 مليار دولار، مناصفة عبر شركة أبوظبي التنموية القابضة (القابضة)، وصندوق مصر السيادي.
و”القابضة” التي يرأس مجلس إدارتها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، والرئيس التنفيذي لها محمد حسن السويدي القيادي السابق في شركة مبادلة، التابعة للصندوق السيادي لأبوظبي، تأسست عام 2018 وهو عام تأسيس الصندوق السيادي المصري.
وزيرة مصرية تكشف الغموض
كانت وزيرة مصرية قد أزالت جزءا من الغموض المتعلق بالمنصة الاستثمارية التي أعلن عن تأسيسها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مع مصر بقيمة 20 مليار دولار.
وتحدثت وزيرة التخطيط هالة السعيد، عن بيع ممتلكات وأصول الدولة المصرية ونقل تلك الأصول للصندوق السيادي المصري “ثراء”، ثم مشاركة مصر بأصول ذلك الصندوق في المنصة الاستثمارية مع الإمارات بواقع 50 بالمئة لكل طرف.
وقد حذر خبراء مصريون من خطورة الأمر مؤكدين أنه يعني نقل أصول الدولة وممتلكاتها للصندوق السيادي ومشاركة الصندوق بهذه الأصول في شراكة مع دولة أجنبية، ما يعني بيعها وشراكة الدولة الأجنبية فيها.
وقالت الوزيرة ورئيس مجلس إدارة الصندوق السيادي، بمؤتمر الغرفة الأمريكية فى وقت سابق إن مصر ستشارك من خلال الصندوق السيادي بحصة عينية من الأصول التي سيتم ضمها للصندوق السيادي، بينما سيشارك الجانب الإماراتي عبر شركة أبوظبي القابضة بتوفير السيولة المالية.
وأكد الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي المصري أيمن سليمان، إن المنصة الاستثمارية لن تقتصر على الدولتين فقط وستتضمن أسواقا أخرى بالمنطقة، وأنها ستعمل بقطاعات الزراعة والتصنيع الغذائي، والخدمات المالية، واللوجستيات، والعقارات والسياحة.
كانت الاستثمارات الإماراتية قد تغلغلت في الاقتصاد المصري خلال الأعوام الأخيرة، خاصة منذ انقلاب 3 يوليو ، الذي كانت الإمارات أحد أكبر داعميه ، بل و المحركين له.
حيث استحوذت أبو ظبي على امتيازات وتسهيلات اقتصادية مباشرة من قبل النظام القائم في قطاعات حيوية وحساسة.
السيسي يحصن نفسه وشركائه
ومنذ العام الماضي، يسعى السيسي لمنح المستثمرين الأجانب وفي مقدمتهم الخليجيين وتحديدا الإماراتيين امتيازاً تشريعياً إضافياً يحميهم من المشاكل القانونية المعقدة ، بهدف واجتذاب رؤوس الأموال فيها لشراء الكيانات التي ستطرح للبيع قريباً ضمن برنامج الطروحات الحكومية في البورصة،
وبالتالي يضمن لهم القانون إمكانية استرداد أموالهم في أي وقت بالاتفاق مع الحكومة بعيداً عن ساحات القضا.
وتابعت أن “السيسي ركز في محادثاته مع قيادات الإمارات العام الحالي على بحث التسهيلات التي ستمنحها مصر للشركات الإماراتية، ليس فقط في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة غرب الساحل الشمالي، التي تمتع الشركات فيهما بالمميزات ذاتها الممنوحة للشركات الإماراتية في منطقة هضبة الجلالة شرق القاهرة، بل أيضاً بجذب مزيد من رؤوس الأموال الإماراتية لشراء أسهم الكيانات الحكومية”.
يذكر أن الضغوط الخليجية، والإماراتية تحديداً، كانت وراء إدخال تعديلات تشريعية عدة في مجال الاستثمار، كان أولها في سبتمبر 2013 عندما أصدر الرئيس السابق عدلي منصور، في غياب البرلمان، تعديلاً على القانون يحرر الهيئات الحكومية التي لها قوانين خاصة من التقيّد بإجراءات المزايدات والمناقصات في عمليات البيع والشراء، ويرفع الحد الأقصى للتعاقد بالأمر المباشر لشراء المنقولات وتلقّي الخدمات لصالح الوزارات والهيئات الحكومية.
كما تم الاعتبار بآراء مجتمعات الأعمال في الإمارات والكويت والسعودية، قبل إصدار قانون الاستثمار الصادر العام الماضي، وقانون التعاقدات الحكومية الأخير الذي يفتح الباب أمام جميع الجهات الحكومية للتعاقد بالأمر المباشر في 7 حالات معظمها غير محدد، بل يعود تقديره للسلطة التقديرية للحكومة أو الجهاز الذي سينفذ التعاقد.
و يجيز لمجلس الوزراء، كجهة منفصلة عن باقي الوزراء، وللمرة الأولى، التعاقد بالاتفاق المباشر مع أي مستثمر منفرد أو شركة، مصرية أو أجنبية، إذا تقدم بخطة لمشروع استثماري متكامل جاهز التمويل. أما التعاقدات الخاصة بين الأجهزة العسكرية والاستخباراتية فيقرر القانون الجديد إبقاءها بالأمر المباشر دون اتباع أي ممارسة أو مناقصة أو مزايدة، حتى وإن كانت محدودة، وهذا الأمر يسمح باستمرار سرية تعاقدات الجهات السيادية التي تستعين بشركات الجيش وشركات الإنتاج الحربي حصرياً لتنفيذ مشروعاتها، بمعزل تام عن الرقابة.
زر الذهاب إلى الأعلى