
لفت موقع ميدل إيست آي الإنتباه إلى تخوفات المصريين من الإصلاحات الاقتصادية الجديدة للسيسي التي ستُطبق في مصر قريبًا، والتي يتوقع أن تفاقم حالة الفقر التي عانى منها المصريون في المرحلة السابقة من الإصلاحات التي بدأت في عام 2016، مع تعويم الجنيه.
وأوضح أن المصريين يستعدون لتلقي الصدمة بعد إعلان الحكومة في 28 أبريل أنها بصدد تطبيق المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وقالت الحكومة إن حزمة الإصلاحات الجديدة ستُطبق على مدى السنوات الثلاثة المقبلة.
مشكلات الاقتصاد الهيكلية
وأشارت الحكومة إلى أن المرحلة الثانية ستعالج المشكلات الهيكلية في الاقتصاد، وستبني على مكاسب الفترة الماضية. و ستركز على:
قطاعات محددة من الاقتصاد، بهدف خلق نمو مستدام.
التغلب على الصدمات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19.
رفع معدل النمو الاقتصادي السنوي إلى ما بين 6 و7% على مدى السنوات الثلاثة المقبلة.
خفض عجز الميزانية إلى 5.5% من 7.7% الآن.
تحقيق فائض أولي في الميزانية بنسبة 2%، وفائض في ميزان المدفوعات يتراوح بين 3 مليارات دولار و5 مليارات دولار بحلول نهاية المرحلة الجديدة.
ولفت التقرير إلى أنه رغم المخاوف الشعبية، أعلنت الحكومة أن الإصلاحات الجديدة لن تفرض ضغوطًا مالية إضافية على المواطنين العاديين.
الإصلاحات الاقتصادية للسيسي
وأكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن الحكومة ستواصل دعم المواد الغذائية والإنفاق على الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية في السنوات الثلاثة المقبلة.
وأوضح التقرير أن الشارع لا يثق كثيرًا في تأثير الإصلاحات الجديدة، ويخشى المواطنون أن تتسبب في مصاعب لملايين الناس.
ونقل التقرير عن المواطن المتقاعد محمود حسين القول: “لا أثق في أي حديث عن أن الإصلاحات لن تضيف ضغوطًا على الناس. الوعود نفسها قُطعت قبل الإصلاحات السابقة، ولم تجلب سوى الجوع والفقر للشعب”.
الضغوط على الطبقة الوسطى
ونفذت المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي في 3 نوفمبر2016، وتضمنت قرارًا صادمًا بتحرير سعر صرف الجنيه (تعويمه) مقابل جميع العملات الأجنبية. وشملت خفض دعم الوقود والمياه والكهرباء، وفرض ضرائب جديدة، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، مقابل قرضًا بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
ويوضخ التقرير أنه كان لدى مستورد يدعى سليمان أحمد، قبل التعويم، في 2 نوفمبر 2016، مبلغ 160 ألف جنيه جاهزة للتحويل إلى 20 ألف دولار، لجلب شحنة من المنتجات الجلدية من الصين.
ذهب أحمد، وهو في أوائل الأربعينيات من عمره، إلى البنك في اليوم التالي لتغيير الجنيهات بالدولار. فأكتشف أنه يحتاج إلى ضعف المبلغ بالجنيه للحصول على المبلغ نفسه من الدولارات، لأن قيمة الجنيه بعد التعويم انخفضت بمقدار النصف مقابل جميع العملات الأجنبية. أشخاصًا مثل أحمد فقدوا نصف مدخراتهم أو رأس مالهم فجأة مع هذا القرار.
قال أحمد: “لقد كانت تجربة مريرة”. كانت الخسارة التي تكبدها المصريون الأقل ثراءً، بسبب ارتفاع أسعار السلع، مما أدى إلى تقليص دخل عشرات الملايين من الناس، وألقى بملايين الأشخاص الآخرين إلى أسفل خط الفقر.
إصلاحات صعبة ومعاناة
أكد التقريرأن المرحلة الأولى من الإصلاحات كانت صعبة على المصريين العاديين. خاصة إثر خفض دعم الوقود .
قالت علياء المهدي، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة،: “أضعفت هذه الإصلاحات القوة الشرائية للناس، وبالتالي تسببت في معاناة الجميع. وأصبح بعض الناس غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسي”.
ظلت رواتب معظم المصريين على حالها، بينما استمرت أسعار السلع في الارتفاع.
ارتفاع معدلات الفقر
ارتفع معدل الفقر في مصر إلى 32.5% في عام 2017 من 27.8% في عام 2016، مما يلقي الضوء على الآثار العميقة التي تسببت فيها هذه الإصلاحات .
تصدت السلطات لهذه الآثار من خلال توجيه المزيد من الأموال لبرامج الرعاية الاجتماعية، بما في ذلك تقديم مساعدات نقدية للأرامل والمطلقات وكبار السن الفقراء. لكن البرامج نفسها استثنت أبناء الطبقة الوسطى، بحسب علياء المهدي.
نمو الاقتصاد الكلي
قالت الخبيرة الاقتصادية، بسنت فهمي،: “لا أحد يستطيع أن ينكر أن هذه الإصلاحات حسَّنت المؤشرات الاقتصادية تحسنًا كبيراً، وخفضت عجز الميزانية، وزادت احتياطيات العملات الأجنبية، وبثت روحًا جديدة في جميع قطاعات الاقتصاد. هذه الإصلاحات كانت ضرورية”.
متاعب كوفيد-19
يشير الاقتصاديون إلى الخسائر التي تكبدتها مصر بسبب كوفيد-19، والتي ربما تتطلب الإصلاحات.
لقد كلفت الجائحة مصر ثمنًا باهظًا من الناحية الاقتصادية؛ إذ خفضت معدل النمو الاقتصادي إلى 2% من 5.6%. كما أدت إلى تجميد قطاع السياحة، وخسر فيه عشرات الآلاف من العمال وظائفهم. وكذا تباطؤ التجارة الخارجية، وعرقلة نشاط القطاع الصناعي.
كما اضطرت الحكومة المصرية إلى زيادة الاقتراض، (ليس بسبب الجائحة فقط ) بما في ذلك إصدار سندات بالعملة الأجنبية في السوق الدولية.
وارتفعت الديون الخارجية بمقدار 12.7 مليارات دولار في الأشهر التسع الأولى من عام 2020، مما رفع إجمالي الديون الخارجية إلى 125.3 مليارات دولار.
استنزاف الشعب
يبدو أن هناك قلقًا بين الاقتصاديين من أن الإصلاحات ذاتها ستأتي على حساب الرفاه الاقتصادي لعامة الناس.
وقال أحمد فرغلي، عضو اللجنة البرلمانية للشؤون الاقتصادية: “المشكلة هي أن الفقراء والطبقة الوسطى دائمًا ما يتحملون العبء الأكبر من معظم هذه الإصلاحات. لهذا السبب أتوقع أن تكون الموجة الجديدة من الإصلاحات مصحوبة بحزمة جديدة من الضرائب التي تستنزف الجمهور أكثر”.