
أشارت المونيتور إلى لجوء أديس أبابا إلى دول حوض النيل لحشد الدعم، في محاولة لمواجهة التحركات المصرية الدولية لعرقلة قرار إثيوبيا من جانب واحد، بالبدء في ملء سد النهضة دون أي اتفاق مع مصر والسودان، وبالتالي فرض سياسة الأمر الواقع.
محادثات واشنطن
وتعثرت الجولة الأخيرة من المحادثات التي عقدت في واشنطن في أواخر فبراير، للتوصل إلى اتفاق شامل بشأن ملء وتشغيل السد، بعد انسحاب إثيوبيا من المفاوضات، التي كانت تقودها إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، إلى جانب البنك الدولي.
وأوضح بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية أن بومبيو ورئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” ناقشا في مكالمة هاتفية في 13 أبريل العلاقات الثنائية بين البلدين، كما شددا على ضرورة استمرار التعاون بشأن القضايا الإقليمية الرئيسة، دون التطرق على ما يبدو إلى النزاع حول السد.
ملء سد النهضة
وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في 1 أبريل الجاري بدء ملء السد بحلول موسم الأمطار القادم الذي يبدأ في يونيو، في الوقت الذي قامت فيه رئيسة الجمهورية ساهلورق زودي بجولة إلى كينيا، وأوغندا ورواندا، الدول الأعضاء في مبادرة حوض النيل.
وطالبت زودي بضرورة تمسك دول حوض النيل بالاستخدام العادل والمنصف للمياه، ورفض أي اتفاقيات لم يتم التوصل إليها بالوسائل السلمية.
وعلى إثر تلك الجولة، اتهمت عدة تقارير إعلامية رسمية إثيوبية القاهرة بعرقلة محادثات السد.
وفي 3 أبريل، نقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية اتهامات أعضاء الوفد الحكومي المفاوض لمصر بما أسموه “فرض رغباتها الاستعمارية”، ودعت “دول حوض النيل إلى ضمان حصولهم على حصة عادلة ومعقولة من مياه النيل”.
وعلى الرغم من أن المسئولين الإثيوبيين وصفوا اتفاقيات توزيع المياه، “بالاتفاقات الاستعمارية”، فإن مصر وإثيوبيا اشتركتا في العديد من الاتفاقات التاريخية الأخرى حول النيل، عندما لم تكن إثيوبيا جزءًا من أي مستعمرة، مثل اتفاقية 1902 التي وقعها إمبراطور إثيوبيا منليك الثاني.
ووفقًا لهذه الاتفاقية، تعهدت إثيوبيا بعدم بناء أي مرافق على ضفاف النيل دون استشارة مسبقة مع مصر.
وبموجب اتفاق عام 1993، تعهدت إثيوبيا أيضًا بعدم بناء مرافق من شأنها أن تتسبب في أضرار كبيرة لحصة مصر في مياه النيل.
إعلان المبادئ
وفي تعليق على ادعاءات إثيوبيا بأن مصر كانت تسعى لإحباط المفاوضات حول الحصص التاريخية لمياه النيل، قال مسئول تكنولوجي في الوفد المصري المفاوض للمونيتور: “منذ توقيع إعلان المبادئ لعام 2015، تلتزم مصر سياسيا وقانونيا وفنيا لشروط وأحكام “الإعلان” للتوصل إلى اتفاق شامل وعادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة”.
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن مصر حضرت جميع الاجتماعات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، واجتماعات تحت رعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، ما يدل على جدية ومرونة القاهرة وسط مواقف التعنت والتهرب، من الجانب الأثيوبي.
لافتًا إلى أن إثيوبيا تحاول التهرب من التزاماتها و”شروط إعلان المبادئ” وبدء ملء السد من جانب واحد بغض النظر عن جميع القواعد القانونية”.
وتعليقًا على محاولة إثيوبيا تعبئة دول النيل ضد مصر والتهديد بإعادة إبرام اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل، قال المصدر: “هذه الاتفاقية ماتت ولم يتم قبولها أو توقيعها من قبل جميع دول حوض النيل.. إن محاولة إثيوبيا خلط الأوراق لن تكون في مصلحة أي طرف”.
وقال المصدر: إن جميع المحاولات لدفع دول المنبع للتأثير على موقف مصر لن تكون ذات جدوى.
ووقع اتفاقية الإطار التعاوني في 2010 ستة من دول المنبع، فيما رفضت مصر والسودان العديد من المصطلحات المثيرة للجدل، بما في ذلك بند يحرم مصر من حصتها في المياه، وآخر أعطى دول المنبع الحق في بناء السدود على النيل دون أي ترتيب مع دول المصب (مصر والسودان).
وبعد وقت قصير من توقيع الاتفاقية، جمدت مصر جميع أنشطة التعاون مع دول حوض النيل التي أجريت تحت مظلة المبادرة.
وقال “محمد نصر الدين علام” وزير الموارد المائية والري المصري السابق للمونيتور: “إن اتهام إثيوبيا مصر بالتشبث بحصتها التاريخية في مياه النيل، وإن كان ذلك حق مصر الشرعي، هي محاولة للخروج من أحكام اتفاقية المياه UNECE لعام 1997 بشأن حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية وقواعد هلسنكي بشأن الأنهار الدولية.
وأشار علام إلى أنه “خلال مفاوضات اتفاقية الإطار التعاوني، كانت إثيوبيا تقود تكتلاً من دول المنبع ضد مصر، بزعم أن القاهرة تستحوذ على نصيب الأسد من مياه النيل”.