كشفت مصادر صحفية، عن نقل ملكية أصول ثلاث من أكبر المؤسسات الصحفية القومية في مصر إلى “المخابرات العامة”، بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وبحسب المصادر، تأتي الخطوة في إطار مخطط استحواذ “المتحدة للخدمات الإعلامية”، المظلة الاستثمارية التابعة مباشرة للمخابرات العامة، على أصول كلّ المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة تدريجياً.
وأوضحت المصادر، لموقع “العربي الجديد”، إن المؤسسات الصحفية الثلاث هي “لأهرام ودار التحرير وروز اليوسف”.
المخابرات تستحوذ على ثلاث مؤسسات صحفية
وقالت أن موافقة الهيئة الوطنية للصحافة على البدء بالإجراءات المتعلقة باستثمار عدد من “الأصول غير المستغلة” المملوكة للمؤسسات الثلاث تمثل “إشارة البدء بتنفيذ مخطط نقل ملكية أصول المؤسسات الصحافية الحكومية إلى “المتحدة للخدمات الإعلامية”.
على أن يكون مخطط نقل الملكية في مدة أقصاها 5 سنوات، تحت ذريعة “تراكم الديون عليها لصالح هيئة التأمينات الاجتماعية ومصلحة الضرائب، وتجاوز قيمتها نحو 7 مليارات جنيه”.
وتمتلك المؤسسات الصحفية الثلاث أصولاً ضخمة في عدد من المناطق الهامة والأعلى سعراً في مصر، لا سيما مؤسسة الأهرام الأكبر في البلاد، على غرار مبان وأراض منتشرة في أحياء قصر النيل بجاردن سيتي والمعادي والتجمع الخامس الراقية في العاصمة القاهرة.
إلى جانب محافظات أخرى، أهمها الإسكندرية والبحر الأحمر وجنوب سيناء، ومجموعة كبيرة من الشاليهات في قرى سياحية على طريق الساحل الشمالي.
وأفادت المصادر بأن المخطط يشمل أيضاً إعادة هيكلة الصحف القومية، عبر دمج إصداراتها ووقف العديد منها، بحجة تقليل حجم الخسائر.
ظهر ذلك واضحاً في قرار الهيئة الوطنية للصحافة، الخميس، دمج مجلتي “الكواكب” و”طبيبك الخاص” في مجلة “حواء” الصادرة عن مؤسسة دار الهلال، وإنشاء موقع إلكتروني خاص لكل إصدار، اعتباراً من أول يونيو المقبل.
غضب الصحفيين
وقالت المصادر، أن حالة من الغضب سادت بين الصحفيين بسبب قرار الهيئة إلغاء مجلة الكواكب الفنية العريقة التي تصدر أسبوعياً منذ 28 مارس 1932، فضلاً عن مجلة طبيبك الخاص الطبية الشهرية المتخصصة التي صدر العدد الأول منها في يناير 1969.
ونشر صحفيون مصريون عدداً من الأغلفة القديمة لـ”الكواكب” التي كان يتمنى أكبر نجوم الفن الظهور على غلافها، وسط انتقادات لقرار وقفها، خصوصاً أن هناك بدائل كثيرة – بخلاف الإيقاف بحجة ارتفاع تكاليف الطباعة – ومنها العمل على تطويرها حتى تعود جاذبة للقراء كما كانت، بدلاً من تضييع ريادة مصر وتراثها الثقافي.
وقالت مصادر من داخل دار الهلال إن “قرار الهيئة وقف إصدار أهم وأقدم مجلة فنية في العالم العربي (الكواكب) أمر يدعو للحزن، ويؤكد أن الهدف الرئيسي من التخلص من الإصدارات التابعة للصحف القومية هو الوصول في النهاية إلى تصفيتها، لتضع الدولة يدها على أصولها”.
وأضافت أن النظام الحالي يرغب في تسليم ملف الإعلام الحكومي برمته إلى الشركة التابعة للمخابرات، بعدما استحوذت على الغالبية الكاسحة من الصحف والمواقع الإخبارية والقنوات الفضائية الخاصة، تمهيداً لطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام في البورصة المصرية.
ثم نقل الأعباء المالية للمؤسسات الإعلامية المتأزمة إلى أطراف جديدة، “يرجح أن تكون إماراتية”.
وأكدت المصادر أن الصحفيين في مصر باتوا يعانون من أوضاع معيشية صعبة، في ظل حالة التضييق التي تفرضها السلطات على عملهم، وإغلاق وحجب المئات من المواقع الإلكترونية والإخبارية التي يعملون فيها، علاوة على تسريح كثير من العاملين في الصحف والقنوات الفضائية المملوكة للمخابرات، بحجة توجيه انتقادات لسياسات الرئيس السيسي على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي.
وقبل دمج “الكواكب” و”طبيبك الخاص” في مجلة حواء، أسندت الهيئة الوطنية للصحافة رئاسة تحرير المجلات الثلاث إلى الصحافية سمر الدسوقي.
وقالت مصادر من دار الهلال، إن الهيئة استشارت الدسوقي قبل دمج المجلتين، فاختارت الإبقاء على “حواء” لأنها المجلة التي عملت فيها منذ تعيينها في الدار.
حرية الصحافة في مصر
يذكر أنه حسب آخر حصر لمنظمات المجتمع المدني، فإن المواقع المحجوبة في مصر تشمل 116 موقعاً صحفياً وإعلامياً، و349 موقعاً يُقدم خدمات تجاوز حجب المواقع Proxy وVPN، و15 موقعاً يتناول قضايا حقوق الإنسان، و11 موقعاً ثقافياً، و17 موقعاً يُقدم أدوات للتواصل والدردشة، و27 موقع نقد سياسي، و8 مدونات ومواقع استضافة مدونات، و12 موقعاً لمشاركة الوسائط المتعددة، بالإضافة إلى عدد آخر من المواقع المتنوعة.
وتهدف خطة “تطوير الإعلام”، كما يسميها النظام، إلى ترسيخ مفهوم الإعلام القومي للدولة الذي يقلص بدوره حرية الرأي والتعبير، ويعزز تحكم أجهزة الدولة الأمنية في السياسة الإعلامية طبقاً لأهواء السلطة الحاكمة.
ذلك مع الاستغناء عن الآلاف من العاملين في المؤسسات الصحفية والإعلامية الحكومية ضمن مخطط ترشيد النفقات، وإلغاء بعض الصحف الورقية، وتحويلها إلى إصدارات إلكترونية.
زر الذهاب إلى الأعلى