مقالات مختارة

تغيير الحكومة المصرية: لا جديد الوزارة في المغارة

علي أبو هميلة

مؤهلات أسامة هيكل التي ذكرتها من المؤكد كفيلة بحكم أنه ابن للمؤسسة العسكرية وعلى علاقة وثيقة بها منذ سنوات طويلة وكذلك بحكم قربه من المشير حسين طنطاوي

انتظر المصريون التغيير الوزاري الجديد علي أمل أن يحمل لهم تغييرا في الوجوه الموجودة (هذا الكلام ينطبق على العامة في مصر) وللأسف شارك بعض الذين يحملون الوعي في هذا الانتظار.

كان هناك من يأمل في تغيير بعض السياسات بوجود وزراء جدد ربما يحملون تفكيرا جديدا! ولكن جاءت الريح بما لا يشتهي السَفِنُ.

لم يحمل التغيير الذي أجراه السيسي أي ملمح من ملامح تغيير في السياسات أو حتى الوجوه، فلم نر  سوى ثلاثة وجوه جديدة قديمة. كانت كبرى المفاجآت هي تعيين الدكتورة نيفين جامع رئيس الصندوق الاجتماعي وزيرا للصناعة! ما العلاقة بين الصندوق المختص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ووزارة الصناعة؟ لا مجال للسؤال فلم تكن أبدا الكفاءة المهنية ولا الخبرة في المجال ولا النزاهة والشفافية طريقا للوصول إلى منصب في مصر! لذا فلا عجب.

أما الوجه الثاني من الوزراء الجدد فهو المستشار عمر مروان وقد كان مسؤولا قديما عن ملفات مهمة جدا. كان رئيسا للجنة تقصي الحقائق في مذابح ما بعد ثورة يناير من محمد محمود إلى مجلس الوزراء ومذبحة ماسبيرو. وفي الطريق لا تنس موقعة الجمل. ولعل النتائج واضحة في هذه الملفات، فلا لجنة تقصي الحقائق قدمت تقاريرها، ولا تم حساب أحد ممن شاركوا في هذه المذابح. وخرج كل القتلة والمسؤولون في مهرجان البراءة للجميع إلى بيوتهم، وتم سجن كل الثوار الذين شاركوا الشهداء في ثورتهم، ولعل هذا أهم أسباب اختياره وزيرا للعدل. 

وزير الدولة للإعلام وجه جديد قديم  

دخل أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي في الوقت نفسه، والوزير السابق للإعلام في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد ثورة يناير، والمحرر العسكري السابق الوزارة الجديدة وزيرا للدولة لشؤون الإعلام.

كان هذا المسمى خروجا جيدا للنظام من المأزق الدستوري (رغم أنه لا أحد في مصر عمل بالدستور منذ كتابته في ٢٠١٤) فالدستور المصري ينص على إلغاء وزارة الإعلام في نسخة ٢٠١٢ ونسخة ٢٠١٤. وكان أحد مطالب الثورة في يناير إلغاء وزارة الإعلام. 

مؤهلات أسامة هيكل التي ذكرتها من المؤكد أنها كافية، بحكم أنه ابن للمؤسسة العسكرية وعلى علاقة وثيقة بها منذ سنوات طويلة، وكذلك بحكم قربه من المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد يناير، وقريب هتلر طنطاوي أمين عام وزارة الدفاع في عصر مبارك. كل هذا يؤهل المحرر العسكري السابق ليكون وزيرا للدولة لشؤون الإعلام.

ماهي وظيفة الوزير في وجود المجلس الأعلى؟

حسب نصوص الدستور المصري ٢٠١٤ فإن المجلس الأعلى للإعلام هو المختص بشؤون الإعلام المصري بقطاعيه العام والخاص وهو هيئة قومية مستقلة (الدستور قال) ولا تخضع إلا لرقابة مجلس النواب وكذلك الهيئة الوطنية للإعلام وهي الهيئة المختصة بشئون أتحاد الإذاعة والتليفزيون وهي هيئة قومية مستقلة ايضا حسب الدستور   

 لقد مثل الإعلام لنظام السيسي مشكلة كبيرة منذ بداية عهده وفي محاولة للسيطرة عليه كان ملف الإعلام في يد المخابرات العامة طوال أربع سنوات ماضية تحت رئاسة عباس كامل أو غيره من ضباط المخابرات العامة والحربية..

  كان الفشل في ملف الإعلام واضحا حتى أنه تمت التضحية بمحمود السيسي نجل الرئيس وياسر سليم الضابط المسؤول عن الإعلام، ويقال إنه تم إبعاد الملف عن يد عباس كامل.

إذن فوجود هيكل علي رأس وزارة الدولة محاولة لإيجاد مندوب للدولة في المؤسسات الإعلامية يكون وصلة جيدة بحكم قربه ومعايشته الإعلاميين والصحفيين، فهو مندوب التعليمات والأوامر بديلا لرسائل المحمول.  

أما أغرب ما في تعيين وزير دولة للإعلام فهو فرح الكثير من الإعلاميين والصحفيين وكأن حال الإعلام سينصلح بوجود مثل هذا الوزير! إن فرحة الكثير من الإعلاميين والصحفيين بهذا القرار هي تكرار لفرحتهم بتشكيل المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام، هي محاولة لوجود طريق ولكن المؤكد أن هذه الفرحة لن تستمر طويلا، فالمشكلة الرئيسية في الاختيار وليست في المسميات.

غائبون عن التغيير

جاء التغيير الوزاري الجديد لا يحمل أي جديد في وزارت عدة كان الناس يأملون في تغييرها منها وزارة الصحة، وهي الوزارة الأقرب للشعب والتي تعاني من مشكلات كثيرة جدا بطول البلاد وعرضها، حيث يعاني المصريون سواء في الحصول على الخدمة الصحية أو الرعاية معاناة كبيرة ،وحال مستشفيات الحكومة والدولة يسير من سيء إلى أسوأ. فاستمرار وزيرة الصحة يعني استمرار نفس السياسات القائمة على أن من يدفع يتم علاجه أو يحظى برعاية وخدمة صحية ومن لا يملك لا يحق له أن يطالب بهذه أو تلك.

الوزير الثاني الذي كان الجميع يتوقع خروجه وتبديله وزير التعليم (بعد إلغاء التربية) فحال التعليم في مصر لا يسر عدوا ولا حبيبا، ولعل تذيل مصر واحتلالها المركز ١٣٩ بين الدول في التعليم أكبر دليل علي الحاجة لوزير يحمل رؤية جديدة وكذلك فإن حال المدارس في مصر وقلة عدد الفصول بالنسبة لإعداد التلاميذ وسوء حال المعلم وتدني الخدمات التعليمية والمؤسسات، كان ادعى لتغيير الوزير لكن يبدو أن السياسات تأتي على هوى المسؤول الأول والحاكم بأمره (بل المؤكد أنها كذلك).

توقع بعض الحالمين بالتغيير أن يكون وزير التموين بين هؤلاء الذين يتم تغييرهم في الوزارة الجديدة، ولكن أنى هذا بمنطق السياسات القائمة، وهي الوزارة التي نجحت في إبعاد مليوني مصري عن البطاقات التموينية حسب تصريح السيسي مؤخرا في منتدي شرم الشيخ، وبعدما أصبح ما يتحصل عليه المواطن قليلا جدا مما كان عليه قبل وصول السيسي الحكم؟ لذا فإن استمرار وزير التموين في الوزارة طبيعي جدا في الإطار العام.

أخيرا هل يمكن أن نتوقع تغييرا في السياسات الآن أو بعد حين في ظل النظام القائم وسياساته الحقيقة، أم أن ما يتم تغييره من مسؤولين في مصر لا يزيد عن كونه تغيير لسكرتارية رئيس الجمهورية والحاكم بأمره في مصر، والسياسات واضحة للجميع ولن يكون أي حديث عن تغيير في هذه السياسات سوى ملء فراغ وتسلية للوقت؟

أما التغيير الحقيقي الذي سيعيد ترتيب السياسات لصالح الشعب المصري فهو تغيير النظام كاملا وعلي رأسه السيسي، حينها يمكن للمصريين أن يحلموا بعالم سعيد لا يأتي بقيصر جديد.

نقلا عن .. مدونات الجزيرة 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى