
كنت في الثامنة من عمري حين فهمت لأول مرة معنى أن يهينك أحدهم، فتشعر أنك قد ابتلعت لسانك وتقف مهزوزاً، خائفاً، عاجزاً عن الرد. كنتُ أنا وأختي في حديقة عامة في إحدى دول الخليج حيث كان يعمل أبي، ننتظر بفارغ الصبر حلول دورنا لنلعب بالأرجوحة. أتخيل المشهد الآن: طفلتان في الثامنة والنصف والسادسة لم تفهما بعد إلى أي بقعة في العالم تنتميان.
ثم حل دورنا، أقنعت أختي الصغيرة أنني أنا الكبيرة فسألعب أولاً. وقبل أن أتمكن من الجلوس على مقعد الأرجوحة، استطاعت فتاة أخرى في غضون ثوانٍ أن تسبقني إليه..
قلتُ: “بس ده دوري”.
نظرت إليّ بطرف عينيها ثم قالت شيئاً لم أعد أذكره، ثم أنهت كلامها بـ”مصرية وسخة”.
لم أختر تلك الحياة، ولكنني أذكر أنني كنتُ كثيراً من الأوقات أتساءل، كيف كانت حياتي ستكون لو أنني أعيش في بلدي، وسط أهلي؟ |