مصر: خلافات حادة بين الداخلية والنيابة العامة حول إخلاء سبيل المحبوسين احتياطياً

كشفت مصادر أمنية، الأربعاء، عن وجود حالة من الغضب والتوتر الحاد، بين وزارة الداخلية، والنيابة العامة بسبب تعجل إعلان إخلاء سبيل الصحفيين المحبوسين احتياطياً.
وقالت المصادر، أن ذلك يأتي امتداداً للخلاف الذي نشب بين النيابة، التي تختص قانوناً بإصدار قرارات إخلاء السبيل المرتقبة، والأمن الوطني، في يناير الماضي.
خلافات حادة
وكانت الآمال قد تراجعت في إطلاق سراح مزيد من النشطاء السياسيين البارزين في مصر، وعلى رأسهم معتقلو قضية “خلية الأمل“، بعد قرار محكمة جنايات القاهرة، أمس الأول تجديد حبس الصحفيين خالد داود وهشام فؤاد وعبدالناصر إسماعيل وحسام مؤنس والناشط اليساري الفلسطيني رامي شعث لمدة 45 يوماً.
وكان من المرجح إخلاء سبيل بعضهم على الأقل، حسب وعود نقيب الصحفيين ضياء رشوان، المرشح في انتخابات النقابة لولاية جديدة، وبناء على تطمينات أمنية واستخباراتية مختلفة لشخصيات سياسية وإعلامية، شاركت في جهود الوساطة لحلحلة ملف المعتقلين قبل انتخابات نقابة الصحافيين المقررة هذا الشهر.
كان ضياء رشوان، الذي يرأس أيضاً الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، قد حمل بشارة إلى جموع الصحفيين عن إخلاء سبيل ثلاثة صحافيين فقط بتدابير احترازية، هم مصطفى صقر وحسن القباني وإسلام الكلحي.
لكن أسماء عديدة، كان من الوشيك خروجها منذ فترة قصيرة، لم تطرح بالمرة حالياً، منها المدانون والمحكومون الذين لا يجوز خروجهم إلا بعفو صحي أو خاص من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
من جانبها أكدت المصادر الأمنية، إلى أنه على الرغم من التنسيق المستمر بين الجانبين، إلا أن النيابة حملت الجهاز مسؤولية تسريب المعلومات الإيجابية عن قرب خروج بعض المعتقلين قبل ذكرى ثورة يناير، إلى أروقة الإعلام والسياسة، ما يظهر النيابة العامة بمظهر “التابع” أو “المأمور”.
ولفتت المصادر، إلى تكرار هذا المشهد من قبل عدة مرات، ما دفع النيابة العامة للاحتجاج والتأكيد على عدم السماح بالتوسع في إخلاء السبيل في ذلك الوقت، وتأجيله لفترة لاحقة.
وأضافت المصادر لموقع “العربي الجديد”، أن النيابة تعنتت في تفعيل سلطتها لإخلاء سبيل بعض المتهمين، متذرعة بتماثل الموقف القانوني لهم مع آخرين.
كما أخبرت الأجهزة المعنية بأنها ستترك مسألة إخلاء السبيل لتقررها دوائر الإرهاب المختصة بمأمورية محاكم طرة، عند نظر تجديد حبس المتهمين، وقامت -استثنائياً- بتبكير مواعيد عرض المتهمين على الدوائر لتجديد الحبس.
وأوضحت المصادر، أن رؤساء الدوائر الذين عارضوا إخلاء سبيل المعتقلين المرجو إطلاق سراحهم خلال الشهرين الماضيين، جددوا رفضهم ذلك، بحجة ارتباط الموقف القانوني لبعض المعتقلين بزملاء لهم لم يستفيدوا من جهود الوساطة المبذولة على مدار ثلاثة أشهر تقريباً.
وأشارت المصادر إلى أن المحامين تلقوا نصائح من الأمن الوطني عبر الوسطاء بتقديم “التماسات إنسانية” للنيابة العامة، تُركز على الحالة الصحية للمعتقل وذويه.
وبالفعل تلقت نيابة أمن الدولة العليا، خلال الأسبوعين الأخيرين، أكثر من 300 التماس، بشأن نشطاء معروفين وغير معروفين، لكنها لم تقبل إلا عدداً لا يتجاوز أصابع اليدين.
وذكرت المصادر أنه على الرغم من جدية هذه الاعتبارات والخلافات، إلا أن المشكلة كان يُمكن أن تُحل بصدور تعليمات مباشرة من دائرة السيسي، لكن هذا لم يحدث.
وبدلاً من ذلك استمرت نيابة أمن الدولة العليا في إصدار قرارات إخلاء سبيل محدودة لعشرات المتهمين غير المعروفين في قضايا تعود لأحداث سبتمبر 2019 ويناير 2020، وقضايا صغيرة أخرى، للإيحاء محلياً ودولياً بتغير ما في الموقف الرسمي من قضايا الرأي العام، للتغطية على عدم الإفراج عن الأسماء المعروفة والموعود بها.
خلاف بين المخابرات والأمن الوطني
وأوضحت المصادر أن هناك خلافاً آخر بين المخابرات العامة والأمن الوطني، حول سرعة ومدى الاستجابة للضغوط الأجنبية لإخلاء سبيل بعض المتهمين بعينهم، وخصوصا معتقلي “خلية الأمل”.
حيث ما زالت تسود مطالبات داخل الجهازين بإرجاء اتخاذ مثل تلك الخطوات، والاحتفاظ بالمعتقلين “كأوراق” يمكن التنازل عنها مستقبلاً عند نشوب خلاف “كبير” مع الإدارة الأميركية الجديدة أو إحدى العواصم الأوروبية الرئيسية.
وتكمن المشكلة الأبرز في نظر المصادر الأمنية في قضية “خلية الأمل”، لعدم موافقة الجهازين على خروج معظم المعتقلين على ذمتها، واتهامهم بقضايا أخرى أيضاً.
وتضم هذه القضية رامي شعث الناشط ضد الصهيونية والمتزوج من مواطنة فرنسية ونجل السياسي الفلسطيني نبيل شعث. وعلى الرغم من الإلحاح الفرنسي المتكرر خلال عام تقريباً، حرص السيسي ووزير الخارجية سامح شكري على عدم إعطاء أي تعهدات بقرب إطلاق سراحه.