دور الأهل في اختيار المهنة المناسبة لأولادهم..خديجة سندس شهبون

هل ينشأ أولادنا ويكبرون وهم على معرفة بإمكانياتهم الذهنية والعلمية بحيث يكونون قادرين على اختيار مهنهم بأنفسهم؟ أم أنهم يظلون منذ سن المدرسة الابتدائية وحتى مرحلة متقدمة من العمر بحاجة لتوجيه وإرشادات الأهل؟
إن عصرنا الحاضر هو عصر العلم بكل ما فيه من اكتشافات ومخترعات حديثة، أدهشت الناس وبهرت عيونهم فافتتنوا بمنتجاته واختراعاته، وركضوا وراءها بكل ما يملكون من قوة، تاركين خلف ظهورهم كل ما خلفته عصور التخلف والجهل الماضية، وسعى الناس حثيثا إلى ما فقدوه ليجدوا العوض لهم بأولادهم فدفعوا بهم دفعا إلى العلم وتخصصاته، بجميع درجاته ظنا منهم أنهم بذلك ينالون إربهم ورغباتهم، معتبرين أولادهم عجينة طرية، يستطيعون صبها في القالب الذي يريدون حتى تجف وتأخذ الشكل المطلوب .
فمن أراد لولده مهنة الطب حمله على دراسة الطب بشتى الوسائل، وإن كان كارها لهذه المهنة، وكذلك يختار له ما شاء من المهن، ولكن النتيجة المخيبة للآمال صفعت الجميع، وكانت الكارثة، وهي فشل أغلبية أبناء هذا الجيل، وصار في مجتمعنا جيل من الشباب يغرق في الكسل والبطالة حتى أذنيه فهل من منقذ؟! تعالوا معنا أيها الآباء نستعرض معا تطور الإنسان منذ الطفولة وحتى الشيخوخة، ونرى كيف أن لكل إنسان طباعا خاصة وشخصية مميزة له، وكل شخص مقتنع تماما بطريقته في الحياة وبآرائه، ولا يسير في طريق إلا برغبته وأهوائه.
تعالوا نتعرف على حقيقة أدوارنا تجاه هؤلاء الأشخاص الذين هم قسمتنا وحصتنا في هذه الحياة، أولادنا، ماذا نقدم لهم؟ وإلى أي حد يحق لنا التدخل في حياتهم؟ لا شك أن حنان الأبوين والمربين ضروري لنمو الطفل بجسده وروحه قلبا وقالبا، ولا غنى للأطفال عنه. إذ يولد الطفل ضعيفا، لا يعي ولا يفهم شيئا مما يفهمه الانسان البالغ، وهو غير قادر على تأمين ضرورات حياته إذ لا بد من مرب مساعد له في هذه المرحلة حتى تقوى مداركه، ويشتد عوده، وهنا يجب أن نفهم أننا لسنا نحن الذين نعلمه كل شيء، ونقوي جسده ونساعده بإرادتنا.
ولكن من الضروري أن نعرف أن الطفل إذا قدمت له المساعدة كي يحيا فإن تطوره سيمر بمراحل لا بد منها، ولا نستطيع نحن التدخل فيها. وهذه المراحل متقاربة بين كل الأطفال، ودرست من قبل علماء متخصصين، وضعوا لها جداول خاصة للمقارنة بين الطفل الطبيعي وغيره، فمثلا هناك جداول خاصة لتطوير الأطفال الطبيعيين من حيث الوزن والطول ومحيط الرأس، وكذلك جداول للتسنين (لمواعيد بروز الأسنان) وجداول للنطق، وعدد الكلمات في مختلف مراحل الطفولة الأولى، وهكذا نستطيع أن ننظم جداول كثيرة لمعرفة التطور الروحي والحركي، ومعدل الذكاء عند الطفل؛ وكل هذه الدراسات مبنية على أن الإنسان خلق هكذا، يتطور وينمو بهذا الأسلوب. فهل سمع أحدنا أن عند بعض الآباء طريقة في التربية تجعل الطفل يتكلم فيها بعمر شهر، ويمشي بعمر شهرين، ويصبح رجلا بعمر سنة؟!