مصر

رايتس ووتش عن فيديو وادي النطرون: “محاولة فجة” لغسل انتهاكات السجون

أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية، تقرير لها اليوم الجمعة، أن الفيديو الذي نشرته الداخلية المصرية عن “مجمع وادي النطرون“، هو “محاولة فجّة للتغطية على الصّدمة التي يعيشها آلاف السجناء وعائلاتهم”.

مجمع وادي النطرون

وقالت المنظمة الدولية في التقرير، أنه في 28 أكتوبر، أصدرت وزارة الداخليّة المصريّة مقطعَ فيديو برّاقا خضع لقدر كبير من الإنتاج السمعي والبصري، يعرض مجمعا ضخما للسجون من أحدث طراز.

وأوضح التقرير، أنه من المُفترض أن يستبدل “مركز الإصلاح والتأهيل بوادي النطرون” 12 سجنا تأوي حاليا 25% من إجمالي السجناء في البلاد، المقدّر عددهم بـ 114 ألفا، منهم عشرات آلاف السجناء السياسيين القابعين في الحبس الاحتياطي بلا نهاية، أو الصادرة بحقهم أحكام جائرة.

وأضاف التقرير: “هذا الفيديو، الذي فيه صورة كاريكاتورية لحياة تأهيليّة شاعريّة في السجون المصريّة، يحجب الواقع الكارثي لنظام السجون المزري في مصر الذي يعج بالانتهاكات، وهو محاولة فجّة للتغطية على الصّدمة التي يعيشها آلاف السجناء وعائلاتهم”.

وتابع التقرير: “بينما أشادت وسائل الإعلام الحكوميّة المصريّة بتزلّف بهذا الفيديو الذي جاء للمفارقة الشائنة تحت عنوان “الحق في الحياة”.. وجّه إليه النشطاء الحقوقيون المصريون انتقادات شديدة على مواقع التواصل الاجتماعي”.

قلب الواقع

وقالت رايتس ووتش: “يبدو أنّ مشاهد السجناء المبتهجين في فصول دراسيّة نظيفة ومتلألئة هدفها أن تقلب الواقع الموثق لنظام العقوبات المنتهِك، المليء بالتعذيب المنهجي، وتفشّي الإهمال الطبّي، والمرافق القذرة”.

وأكملت: “الفيديو جاء مع ترجمة إلى الإنجليزية، وبدا أنّه جزء من استراتيجية علاقات عامة أوسع تتبناها الحكومة ردّا على انتقادات المجتمع المدني المصري و”مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”.

ويأتي الفيديو  في أعقاب إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي في سبتمبر عن “استراتيجية وطنيّة لحقوق الإنسان”.

وتابعت رايتس ووتش: “يزعم الفيديو أنّ هذه الاستراتيجية “واقع حيّ”، لكنّه لا يشبه أبدا الواقع الذي يعيشه سجناء مصر”.

وأضافت: “يصوّر الفيديو مجموعة من الخدمات التأهيلية، من أحدث المرافق الصحيّة إلى الفصول الدراسيّة التي تقدّم دروسا في الرسم وورش عمل مهنية، تشمل حتى تركيب الألواح الشمسيّة، لـ “نزلاء” بابتسامة دائمة، يجلسون في طاعة تامة بأزياء رسميّة جديدة”.

كملت: “هذا يتناقض بشكل حادّ مع الرواية المروّعة لخالد داود عن 19 شهرا من الحبس الاحتياطي في سجن طرة سيئ السمعة في القاهرة”.

وكتب داود، وهو صحفي والرئيس السابق لـ “حزب الدستور” المصري، في يوليو، أنّه سُمح له بارتداء بذلة واحدة قذرة حين كان هناك.

واستطرد تقرير رايتس ووتش بالقول: “يظهر في الفيديو أقارب وهم يحجزون زيارات السجون عبر الانترنت بسهولة. لكن في الواقع تمنع سلطات السجون بعض الزيارات العائلية لسنوات، وخاصة للسجناء السياسيين”.

وأضافت: “كما يُظهر الفيديو مستشفى سجن “مجهّز بأحدث الأجهزة والتقنيات”، وهو مشهد يعترف ضمنيّا بالإهمال الطبّي المنهجي الذي يختبره الكثير من السجناء المصريين.

وتوفي الرئيس الأسبق محمد مرسي في 2019، بعد سنوات من الإهمال الطبّي في السجن.

دعاية مكثفة

وبحسب رايتس ووتش، هذه ليست أوّل جهود دعاية مكثفة للحكومة المصريّة في ما يتعلّق بسجونها. ففي 2019، قبل “الاستعراض الدوري الشامل” من قبل مجلس حقوق الإنسان، سُمح لمجموعة مختارة من الصحفيين المصريين والأجانب بجولة في سجن طرة.

وأفاد الصحفيون بأنهم شمّوا رائحة الجدران المطليّة حديثا، وشاهدوا مباريات كرة قدم شكّكوا في أنها كانت عفويّة، وحُرموا من أيّ فرصة للتحدث مباشرة مع السجناء، والكثير منهم ما كان يجب حبسهم أصلا.

وأشارت المنظمة الدولية، إلى أن استراتيجية العلاقات العامة الأوسع للحكومة المصريّة تهدف إلى إسكات انتقادات سجلّها الحقوقي المروّع. 

وتابعت: “يُظهر هذا الفيديو أنّ الحكومة مهتمّة بالنقد، لكنها تفضّل محاولة إسكاته عبر التدخلات التجميلية، وإن كانت مكلفة، بدلا من الالتزام الحقيقي بمعالجة القمع المتفشّي في البلاد”.

وزادت: “سيكون جميلا الاعتقاد بأنّ السجناء سيحظون حقا بزيارات وكتب، بل أيضا لن يتم تعذيبهم، لكن إذا أردنا أخذ العبرة من الماضي، فإنّ مصر لا نيّة لها في معاملة معارضيها بشكل أفضل”.

واختتمت رايتس ووتش تقريرها بالقول: “على حلفاء مصر تغيير نهجهم، واتخاذ الإجراءات التي طال انتظارها للضغط على السلطات المصرية أكثر بكثير، بحيث يحصل المصريون على إصلاحات حقوقية حقيقية للوضع المزري الذي يحاول هذا الفيديو التستّر عليه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى