مصر

سناء سيف : إذا أردت أن أشكو علي أنا أصرخ لا أكتب على فيس بوك

كتبت الناشطة سناء سيف تدونية كشفت فيه عن خطواتها لـ لم شمل أسرتها، وما الذي تعلمته من تجربتها فى الحبس 3 مرات .

عنبر! كله يسمع

لاحظت منذ خروجي، في ديسمبر الماضي، إنني شبه توقفت عن التعبير، بل ربما حتى التفكير باللغة العربية.

لمن تكون الكلمات؟ لمسؤول لا يسمع؟ للتقليب على مواجع رفيق مكلوم؟ للرد على تصريحات آخر مقهور؟ هبقى أنا والزمن علينا؟

الصمت أكرم.

لحد ما تيجي نغزة تتحدى صمتي الاختياري.

حتى الحديد يسمع.

ثلاث حبسات، كل منها له أثره الباقي.

الأولى، أصبحنا أيتام.

الثانية، قمعت شذرات الثورة بداخلي.

الثالثة، ظلام مطلق. لا مفر، مثلما المذبحة، ممر الخروج غير آمن.

حتى بلاط السجن يسمع.

يفرضون عليك الفراغ، يسلبون منك أي شيء. حيل التأقلم تنهار أمام العدم، لتجد نفسك وحيدًا في مواجهة الظلام.

بلا حيلة تنساق خلفه، تتأمله. تتطلع في طياته. لكن، مع الأسف، عقلك اللعين لا يتوقف عن الفضول.

لماذا؟ إلى متى؟ ما المطلوب؟ حساب المشاريب مبيخلصش ليه؟

بلا حيلة تنساق خلف فخ البحث عن منطق. لا منطق، لا نجاة، ولا جدوى. كل ذلك تعلمناه مسبقًا. دروس شادي، لا يصح نسيانها.

يتراجع العقل. ثم يعود باقتراح جديد، لنتأمل في الظلام، هو المتغير الوحيد في تلك المعادلة الجرداء. كيف يعمل؟ على ما يعتمد؟ لماذا يتصرف كما المهزوم وهو معه قوة مطلقة؟ لنقتل الوقت بتحليل الظلام.

هنا تبدأ في الفهم، المعادلة بسيطة وقاسية في آن واحد.

تشعر بشيء جديد لأول مرة، خليط من انتعاش كما الأمل وعدمية كما اليأس.

تستلذ الشعور، يذكرك بكثير من الأمثال، ضربوا الأعور على عينه، عيان بي. كم هي مسلية ثقافتنا الشعبية.

بعد إذن الإدارة الجبّارة

هقول كلمتين من عالنضّارة.

السجن مدرسة تعلمك وتعلم عليك. في التالتة تعلمت الدرس. تعلمت الأدب. تعلمت أنني إذا أردت أن أشكو.. أن أصرخ، لا يصح الكتابة والسباب على فيسبوك مباشرة. هذه سذاجة. عليّ أن أطوف قارات حتى أجد أذن جحا.

قبل الخروج، جربت الطرق على الباب لتفادي المشوار، لكن كالعادة لا حياة لمن تنادي. من ثلاث أشهر بدأت الرحلة، قطعنا شوطًا وطريق الاستمرار واضح أمامي. لكنه يبقى غير مرغوب. ما زلت أتمنى أن أعفى من هذا الدور، ألا اضطر لتكملة الجزء المظلم من الرحلة.

أتمنى أن أجتمع بأسرتي في أمان لندن.

أتمنى أن أعيد بناء حياة طبيعية في بيتي بالقاهرة.

أتمنى أن تكون الثالثة تابتة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى