أخبرني ابني عبر الهاتف يوم الأحد 26 يناير/كانون الثاني: «أمي، لقد تُوفّي كوبي اليوم».
سمعته يقول إن أسطورة نادي ليكرز للسلة توفِّي مع ابنته جيانا البالغة من العمر 13 عاماً مع سبعة أشخاص آخرين في حادث تحطّم طائرة مروحية، ولكن بشكل ما، لم تكن كلماته منطقية بالنسبة لي، سألته: «ماذا؟ كوبي؟ كوبي مَن؟ ما الذي تقوله؟».
لم أعرف شيئاً عن أخبار وفاة كوبي؛ لأنني أحاول جعل أيام الأحد بلا تلفزيون وبلا هواتف. وظل من المستحيل بالنسبة لي أن أفكر في أن ابني يتحدث عن كوبي براينت، من المستحيل أن أتخيل حجم الخسارة المفجعة التي يشعر بها أفراد عائلته، زوجته فينيسا، وشقيقات جيانا؛ ناتاليا وبيانكا، وكابري.
كان براينت يبلغ من العمر 41 عاماً فقط، وتحطمت طائرته المروحية بسبب الضباب في كالاباساس، كاليفورنيا، صباح يوم الأحد 26 يناير/كانون الثاني. ولا تزال السلطات تحقق في أسباب الحادث.
كان كوبي رمزاً ثقافياً وأسطورة في كرة السلة في جميع أنحاء العالم، قضى 20 عاماً يلعب لنادي لوس أنجلوس ليكرز، ولكن بالنسبة لي، كان شخصاً مختلفاً. بالنسبة لي، سيكون دائماً الشخص الذي ساعدني على بدء مسيرتي المهنية في ESPN دون حتى أن يُطلب منه ذلك، وكان وقتئذ لا يزال في بداية مسيرته الرياضية في كرة السلة.
هناك مثَل يقول: «يحتاج الأمر إلى قرية كاملة لتربية طفل»، ولكن ما فهمته في وقت مبكر من حياتي المهنية أن هذا المثل الإفريقي القديم ينطبق أيضاً على النساء في المجالات الرياضية. وبالأخص المرأة السوداء، التي تحمل عبء نجاحها أو فشلها بنفسها، وأحياناً ما تتعرض للمضايقات وتُدفع إلى الإحباط، حتى من زملائها النساء، وبشكل أكبر من الرجال البيض المسيطرين في عالم الإعلام الرياضي.
كوبي براينت عَلِم ذلك، وكان جزءاً من قريتي المساندة.
ولكن بالرغم من أن كوبي كان مؤيداً لي، كان رجلاً ليس من السهل معرفته.
لم نكن أصدقاء مقربين ولم نكن أقراناً قط (فأنا أكبر عمراً بكثير)، لكننا كنا على اتصال. كلما رأيته، كان يشير إليّ بعلامة الاحترام العالمية المتعارف عليها، إيماءة الرأس الصامتة. كانت تلك الإيماءة كافية لأنال احترام كل مَن في الغرفة، وأحياناً، الحسد الغاضب من زملائي. لا يمكنني أن أوضح كيف كانت إيماءات كوبي البسيطة تمنحني الشجاعة للمنافسة في مجال الإعلام الرياضي، الذي تُفصل فيه النساء كثيراً وتُبعد عن العمل، وحتى اليوم، نادراً ما ينلن التقدير والاعتراف ببراعتهن وذكائهن الرياضي.
كوبي كان هادئاً، وكان لغزاً كبيراً بالنسبة للكثيرين في الإعلام الرياضي عندما انضم إلى الدوري الأمريكي. كان طفلاً أسود نشأ في الطبقة المتوسطة العليا على حدود فيلادلفيا وعاش في إيطاليا. كان يتحدث العديد من اللغات: الإنجليزية والإيطالية والإسبانية، ولعب مباراة قدّم من خلالها ما اعتقد الآخرون أنه جيد بما يكفي لتحدّي مايكل جوردن. وكان تألّق كوبي لافتاً لدرجة انضمامه إلى الرابطة الوطنية لكرة السلة عام 1996 مباشرةً بعد المدرسة الثانوية، وأزعج ذلك بعض كبار الصحفيين الرياضيين.
وبالنسبة لي، طفلة سوداء أخرى من فيلادلفيا، أحببت قصته.
بعض زملائي لم يعرفوا كيف يتعاملون مع كوبي، ووصفه العديد منهم بالمغرور. كان كوبي معقداً بالنسبة لهم. لم تكن قصته هي تلك القصة المألوفة عن الحظ العاثر والنشأة الصعبة في الشوارع. كان ابن بام وجوي براينت، وكان الأخير لاعباً سابقاً بالرابطة الوطنية لكرة السلة ومدرباً بالاتحاد الوطني لكرة السلة النسائية، كان يبدو كوبي أكثر خبرة وعلماً من العديد من الرجال في المجال الرياضي، إعلاميين ولاعبين، مما أدى إلى ظهور محادثات غريبة في بعض الاجتماعات الإعلامية حول كيفية تغطية أخبار كوبي، داخل وخارج الملعب.
فتح كوبي الأبواب لي أكثر من مرة.
في بطولات كرة السلة الصيفية، مثل التي تُلعب في ملعب «هولكومب روكر بارك» الشهير في هارلم، حيث تشعر أن مباريات كرة السلة أقرب للمّ الشمل العائلي، كانت تتقاطع طُرقي مع كوبي. لم يكن أحد يعرفني في هارلم، كنت وافدة جديدة إلى نيويورك. ولكن كوبي كان دائماً ما يتعرف إليّ في الزحام بهذا التصريح الإعلامي المُعلّق في رقبتي.
كان يقول بابتسامة رقيقة: «إنها ESPN، دعها تمر». ومثل السحر، كانت الأبواب تُفتح لي.
في عام 2003، اختارني مسؤولو ESPN للمساعدة في إطلاق برنامجي التلفزيوني الأول، بعنوان «The Life». كان البرنامج قائماً على عمود صحفي أكتبه للمجلة. كنت صغيرة بلا خبرات في مجال التلفزيون الرياضي ولا أكذب إن قلتُ إنني كنت خائفة جداً من الفشل.
ولكن كان هناك كوبي، يدعمني مجدداً. كان واحداً من أوائل الرياضيين، وأكبر نجم رياضي يوافق على الظهور في برنامجي. أعتقد أن رؤسائي والرجال الذين أعمل معهم بالتأكيد لم يكونوا يعاملونني على محمل الجد حتى ظهر براينت في برنامجي.
ولهذا لم يكن من الغريب بالنسبة لي أن يصبح هذا الشاب الصغير الذي التقيته أول مرة أواخر التسعينيات واحداً من أكثر الأصوات الداعمة للاتحاد الوطني لكرة السلة النسائية، مرشداً لاعبات كرة السلة في المدارس ومشجعاً النساء للتنافس على أعلى المستويات، كما فعل معي. وبدا ذلك منطقياً بالنسبة لي بعد اعتزاله عام 2016، إذ خصص براينت الكثير من وقته لتدريب وإلهام اللاعبات والفتيات الصغار مثل ابنته جيانا، للوصول إلى أحلامهن وكي يصبحن لاعبات محترفات في كرة السلة.
كان كوبي يعلم أن النساء جيدات بما يكفي للمنافسة. كان يعلم أنهن قادرات على لعب هذه اللعبة أيضاً.
في وقت سابق من هذا الشهر، قال براينت لشبكة CNN متحدثاً عن لاعبات الاتحاد الوطني لكرة السلة النسائية: «أعتقد أن هناك بعض اللاعبات يمكنهن اللعب في الرابطة الوطنية لكرة السلة الآن، مثل ديانا توراسي، ومايا مور، وإيلينا ديلي دون. هناك الكثير من اللاعبات الرائعات يمكنهن المنافسة على مستويات أعلى». وفي عام 2018، في مقابلة لاقت انتشاراً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، قال براينت لمقدم البرامج جيمي كيمل إن جيانا ابنته ترغب في أن تلعب في الاتحاد الوطني لكرة السلة النسائية مستقبلاً. كان براينت يشير إلى جيانا عندما كانت الجماهير تخبره أنه يحتاج إلى ولد ليحمل إرثه، كان يقول: «لا أحتاج إلى ولد لتحقيق ذلك، لديّ جيانا، ولديها كل ما يلزم لتحقيق ذلك».
لم يكن اعتزال براينت أو أبوته هما ما شكّلا رأيه لمناصرة كرة السلة النسائية، بل كان امتداداً لشغفه الكبير باللعبة، كان ذلك طبيعياً بالنسبة له. عندما عملت في المجال الرياضي، لم يكن غريباً على الإطلاق أن أشاهد كوبي في ملعب ما يتدرب مع لاعبات الاتحاد الوطني لكرة السلة النسائية، ويشجعهن على تطوير مهاراتهن، أو أشاهده في مباراة احتفالية يرمي الكرة في السلة مع الأطفال.
كان عشقه لكرة السلة واضحاً للعيان، سواء كان مَن يلعبها نساءٌ أو رجال.
لم يسبق لي أن شكرته، ولكنني كنت محظوظة بمعرفة كوبي براينت.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع شبكة CNN الأمريكية.
زر الذهاب إلى الأعلى