أكدت منظمة “كوميتي فور جستس” الحقوقية، إن الواقع المرصود على أرض مصر بعد 100 يوم من إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي، لـ“الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، يؤكد على أن تلك الاستراتيجية “حبر على ورق”.
وأوضحت المنظمة أنه خلال فترة الـ 100 يوم تلك، وبالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يحتفل به العالم في 10 ديسمبر من كل عام، رصدت الفرق المختلفة التابعة لها انتهاكات تشريعية وحقوقية وإعدامات بشكل جماعي في مصر.
حبر على ورق
وقالت أنه رغم إلغاء حالة الطوارئ، في 25 أكتوبر 2021، إلا أنه ترافق مع إلغاءه تعديلات على قوانين خاصة بالمحاكمة العادلة تزيد من تقويض ضماناتها.
وأوضحت “كوميتي فور جستس” أنه في 31 أكتوبر 2021، وافق البرلمان على مقترح الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 136 / 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، ليصبح قانونًا مستمرًا بدلاً من أن كان مقتصر تنفيذه على عامان فقط.
كذلك في 1 نوفمبر 2021، وافق البرلمان على تعديلات قانون مكافحة الإرهاب، والتي كان من أبرزها إضافة نص المادة 32 مكرر، والتي أجازت لرئيس الجمهورية فرض عقوبات تصل للسجن المشدد على من يخالف التدابير المخول له اتخاذها بموجب المادة 53 من ذات القانون.
كما أشارت المنظمة إلى أن القضاء المصري أصدر خلال تلك الفترة حكمًا نهائيًا بالإعدام على 3 متهمين في القضية رقم 3354 / 2020 جنايات أمن دولة طوارئ العجوزة، المعروفة إعلاميًا بـ” خلية المرابطين”، في 25 أكتوبر 2021.
كما أصدرت محكمة جنايات القاهرة، الدائرة الأولى إرهاب المنعقدة بطرة، بجلسة ١٠ نوفمبر ٢٠٢١، حكمًا على متهمين بالسجن المؤبد، ومعاقبة متهم بالسجن المشدد 15 عامًا، و10 سنوات لآخر، وعاقبت متهمة بالسجن 3 سنوات في اتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية بالقضية رقم / لسنة 2021 جنايات أمن دولة، المعروفة باسم “داعش الزاوية الحمراء“.
اعتقالات تعسفية
كذلك رصدت “كوميتي فور جستس” خلال فترة الـ100 يوم، 1046 اعتقالاً تعسفيًا في 10 محافظات مصرية مختلفة، و187 حالة اختفاء قسري، منهم 11 شخصًا تم إخفاؤهم داخل مقار الاحتجاز بعد حصولهم على حكم بالبراءة من محكمة أمن الدولة طوارئ وتم تدويرهم على قضايا جديدة.
كما تعرض 53 متهمًا للتدوير “الاعتقال المتجدد”، سواء بعد صدور أحكام بحقهم أو بعد إخلاء سبيلهم.
الوفاة داخل مقار الاحتجاز
ورصدت “كوميتي فور جستس” أيضاً، وفاة 10 محتجزين داخل مقار الاحتجاز المصرية، خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، معظمهم نتيجة الحرمان من الرعاية الصحية؛ من ضمنهم البرلماني السابق “حمدي حسن”، الذي توفي داخل سجن العقرب سيء الصيت؛ نتيجة الحرمان من الرعاية الصحية لمدة 8 سنوات منذ احتجازه في 2013.
وتم رصد 17 انتهاكًا ضمن الحرمان من الرعاية الصحية، في 8 مقار احتجاز على الأقل، منهم حالات حرجة أو مصابة بأمراض خطيرة؛ مثل “فاطمة عبد الرسول” (٤٧ عامًا)، والمحتجزة منذ سبتمبر الماضي، على ذمة القضية ٢٠٠ / ٢٠٢١ حصر أمن دولة، وتتعرض للحرمان من الرعاية الصحية اللازمة التي تتطلبها حالتها، حيث أنها مصابة بسرطان الدم وترفض السلطات علاجها داخل مستشفى وتصمم على إبقائها في سجن القناطر للسيدات.
وفيما يخص إساءة المعاملة والتعذيب داخل مقار الاحتجاز، رصدت المنظمة عدة شكاوى من تصاعد الانتهاكات بداخل 6 مقار احتجاز على الأقل، من ضمنهم؛ ليمان المنيا، وسجن الزقازيق العمومي، وسجن طرة شديد الحراسة 992 (المعروف بسجن العقرب).
وأيضًا تم رصد استغاثة ذوي المحتجزين بسجن شبين الكوم العمومي لإنقاذ ذويهم من الانتهاكات التي تتم بحقهم من قبل رئيس مباحث السجن والمخبرين ودخولهم في إضراب عن الطعام.
كذلك تم رصد وقوع اعتداءات من قبل ضباط سجن وادي النطرون 440، على سجين أردني يُدعى “سامي الجزرة”، حيث تعرض للسرقة والضرب والإيداع التعسفي داخل زنازين التأديب الانفرادية.
استراتيجية وهمية
وشددت “كوميتي فور جستس” على أن كل تلك الوقائع المرصودة خلال فترة الـ100 يوم من إطلاق “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” بمصر، تؤكد أنه لا أثر لبنود ومحاور تلك الاستراتيجية الوهمية على أرض الواقع.
وأضافت المنظمة: “الانتهاكات مستمرة، وتسييس القضاء وتفصيل القوانين لقمع الأصوات المعارضة مستمر وبلا هوادة، ما يبرهن على أن تلك الخطوة كانت مجرد إجراء شكلي ليس أكثر من السلطات المصرية لتخفيف الضغط الدولي عليها”.
ودعت المنظمة السلطات المصرية لإعمال نصوص “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” بشكل واقعي، ودعم حقوق الإنسان في مصر بالأفعال لا بالأقوال، والكف عن التلاعب بالقوانين وجعلها مُسخرة لخدمة النظام السياسي.
كما طالبت بإطلاق الحريات، وتحسين مناخ العمل السياسي والحقوقي في البلاد، والإطلاق الفوري لسراح معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين تعسفيًا.
زر الذهاب إلى الأعلى