تقرير
كشفت مدى مصر الاسباب الحقيقة وراء اعتقال رجل الأعمال صفوان ثابت صاحب شركة جهينة ونجله سيف، وذكرت أن الاعتقال جاء لرغبة الجيش فى السيطرة على صناعة الألبان فى مصر بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
أسرار اعتقال صفوان ثابت صاحب جهينة
وبحسب مدى مصر، تأسست شركة جهينة لمنتجات الألبان والزبادي والعصائر فى عام 1987.
وخلال أعوامها الثلاثين، تمكنت جهينة من إعادة صياغة صناعة الألبان والعصائر في مصر، والتوسع والتنوع في إنتاجها، لتبدأ في العام الجاري تصنيع ألبان نباتية، لتصل بمنتجاتها إلى إجمالي 200 منتج يتم توزيعها في مصر وتصديرها لعدد من الدول الإفريقية والعربية والأوروبية.
وذكرت أن صفوان ثابت، مؤسس الشركة ورئيس مجلس إدارتها حتى استقالته في يناير من العام الجاري بعد نحو خمسة أسابيع من توقيفه من قبل الدولة، اختار الاسم تيمنًا باسم بلدة والدته عرب جهينة التابعة لمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، والتي يحبها كثيرًا.
صفوان ثابت والسيسي
وأوضحت أنه في مثل هذه الأيام من شهر رمضان عام 2014، كان صفوان ثابت وعدد من رجال الأعمال يشاركون الرئيس عبدالفتاح السيسي إفطار رمضان والحديث عن آلية دعم الاقتصاد الوطني، بالتبرع بخمسة مليارات جنيه لصندوق تحيا مصر، كان نصيب ثابت منها 50 مليون جنيهًا.
لكن، بعد فترة لم ينقطع خلالها رئيس مجلس إدارة شركة جهينة للصناعات الغذائية عن التبرع للصندوق، خرج صفوان ثابت من قائمة رجال الأعمال الوطنيين وانضم إلى قائمة الإرهابيين، في تحول جذري.
صفوان ثابت
بدأ الموضوع في 20 أغسطس 2015 عندما قررت لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين التحفظ على أموال ثابت الشخصية السائلة والمنقولة والعقارية، مبررة ذلك بأنه عنصر إخواني وكادر في التنظيم، وليس متعاطف أو له أقارب بالجماعة كما يقال، وأن التحريات أثبتت دعمه للمظاهرات الإخوانية التي أعقبت 30 يونيو 2013، واعتصام أنصار الرئيس الأسبق، محمد مرسي، في ميداني رابعة العدوية والنهضة.
تبع ذلك إعلان لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان في فبراير 2016 التحفظ على 7.2% من أسهم جهينة التي يمتلكها ثابت.
استمرت السلطة في إجراءاتها تجاه صفوان ثابت، فأدرجته على قائمة الإرهابيين إلى جانب قيادات الجماعة في يناير 2017 لمدة ثلاث سنوات بحكم قضائي من محكمة الجنايات.
لكن الأجهزة الأمنية لم تلقي القبض على ثابت قبل 2 ديسمبر 2020.

سيف صفوان ثابت
بعد شهرين، انضم الرئيس التنفيذي لجهينة، سيف ثابت (نجل صفوان الأكبر) إلى المتهمين في القضية، وتم توقيفه أيضًا.
و كان سيف ثابت هو الوحيد بين المتهمين في القضية الذي لم يتم احتجازه بسجن ملحق المزرعة، ولم يُسمح لمحاميه أو أقاربه بمعرفة مكان احتجازه، بحسب والدته بهيرة الشوى التي اشتكت من عدم تمكنها من زيارة ثابت الأب سوى مرة واحدة، ومن عدم ومعرفة مكان ثابت الابن منذ القبض عليه في أول فبراير الماضي.
عقب القبض على صفوان ثابت بساعات، شنت أجهزة الأمن حملة أمنية قبضت خلالها على حاتم عبداللطيف، وخالد الأزهري، وزيري النقل والقوى العاملة، في حكومة الرئيس الراحل محمد مرسي، إلى جانب مالك سلسلة محلات التوحيد والنور سيد السويركي، وحبستهم جميعًا على ذمة القضية نفسها، بذات الاتهامات.
محمود عزت
والحكاية التي تحكى، على لسان الأمن، هي أنه عند توقيف محمود عزت، القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان في التجمع الخامس في أغسطس من العام الماضي، تقدم عزت بمعلومات حول الاستثمارات المالية الخاصة لكل رجال الأعمال الذين لهم عضوية فاعلة أو خاملة في الإخوان. وظهر بحسب المزاعم أن جهينة، إحدى الشركات التي يستثمر فيها بعض من أعضاء الإخوان أموالًا شخصية لهم.
غير أن محامي أحد المتهمين في القضية المتهم فيها آل ثابت، نفى لمدى مصر صحة هذه الرواية، وأكد على استحالة إدلاء عزت بمثل تلك الاعترافات، مشددًا على أن القضية تستهدف أموال رجال الأعمال الكبار .
رواية كاذبة
وفي مواجهة الروايتين، قال عبدالمقصود إن جميع التحقيقات التي تمت مع القائم بأعمال مرشد الإخوان، محمود عزت، داخل نيابة أمن الدولة، لم تتضمن أية أقوال أو تحريات تخص صفوان ثابت.
رجل أعمال آخر، قال إن صفوان ثابت بعيد عن تنظيم الإخوان ومشروعهم الاجتماعي والسياسي بشكل عام.
وخلال الثمانينيات والتسعينيات، وحتى قيام ثورة يناير، ازدهرت أعمال صفوان ثابت، وقام الرئيس الأسبق حسني مبارك بزيارة مصنعه أكثر من مرة، كما كان للرجل علاقات مباشرة بوزراء الاقتصاد والمالية والتموين وغيرهم. كذلك كان قد تولى رئاسة غرفة الصناعات الغذائية في 2013 لمدة أربع سنوات.
مع وصول السيسي للحكم، تمت دعوة صفوان ثابت للمشاركة في إحدى أولى الاجتماعات التي أجراها الرئيس الجديد مع رجال الأعمال في 2014، وهو الاجتماع الذي أعلن صفوان ثابت بعده تبرعه لصندوق تحيا مصر بمبلغ 50 مليون جنيه.
ورغم وضع أمواله وأموال أسرته تحت التحفظ في 2015، استبقى صفوان ثابت العلاقة الجيدة في العمل مع الدولة.
في 2018، وقَّع سيف ثابت قرار تبرع “جهينة” بـ15 مليون جنيه لصندوق تحيا مصر، لدعم حملة القضاء على فيروس سي، وهي المساهمة التي حصلت الشركة بعدها على درع تكريم تسلمه سيف بنفسه من هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة.
قبل توقيف صفوان ثابت بأسابيع، قام أحد كبار الشخصيات المعنية بواحد من المشاريع المستحدثة للدولة لإنتاج الألبان، بزيارات متعددة لأحد مصانع “جهينة” حيث اطلع على كيفية إدارة المصنع وتحديث المعدات وأنظمة التشغيل، وذلك بحسب مصدر سياسي ثانٍ.
التنازل عن جزء من جهينه للجيش
وبحسب المصدر، يبدو أن صفوان ثابت قد تمت مفاتحته بعد إحدى هذه الزيارات بضرورة التفكير في إدماج جزء من مصانع “جهينة” مع المصنع القادم كعنوان للدعم الحقيقي للصناعات الغذائية. اعتبر ثابت هذا الحديث مجرد دردشة وليس طلبًا.
تزامنت الزيارات مع تكرار السيسي توجيهاته المستمرة منذ منتصف مايو الماضي وحتى بداية سبتمبر الماضي لرئيس الوزراء ووزير الزراعة وعدد آخر من المسؤولين، بينهم مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، اللواء مصطفى أمين، بإنشاء منظومة متكاملة لمراكز تجميع الألبان على مستوى الجمهورية، تضم 200 مركز متطور لتجميع الألبان على مستوى محافظات الجمهورية. تلك التصريحات كررها الرئيس في الأول من ديسمبر الماضي، قبل ساعات من القبض على صفوان ثابت، ووجه الحكومة خلالها بتحمل تكلفة حصول تلك المراكز على الشهادة الدولية لاعتماد المواصفات القياسية لجودة الإنتاج، وبواقع 50 ألف جنيه لكل مركز.
الزيارات تزامنت أيضًا مع تطور ملحوظ في أرباح جهينة، التي تجاوزت أزمات عنيفة مع ارتفاع أسعار الطاقة في 2014 وتراجع سعر الجنيه في 2016.
قوة جهينة
بالإضافة إلى قوة علامة جهينة التجارية، يستند وضع الشركة على قدراتها التوزيعية الممتازة -قياسًا على منافسيها- عبر أكثر من 1200 سيارة للنقل، و تملك الآن 33 مركز توزيع تصل بها إلى أكثر من 65 ألف منفذ بيع في 26 محافظة.
مصدر آخر من أوساط الصناعات الغذائية الحكومية، أشار إلى أن بداية “الغضب علي صفوان ثابت” جاءت قبل ذلك، عندما رفض مقترحًا تقدم به إليه أحد الوزراء المعنيين لشراء شركتي قها وادفينا المملوكتين للدولة، بسعر مبالغ فيه.
وبحسب مصدر مطلع على تطورات القضية، بعد القبض على صفوان ثابت٬ أصبح المطلوب منه وأبنائه هو التنازل عن أصول شركة فرعون للاستثمارات المحدودة التي تمتلكها الأسرة، وأن الوضع يتجاوز دفع مبلغ من المال. الأصول هي المطلوبة وليست الأموال.
جريدة اليوم السابع، المعروفة بما تلقيه من أضواء كاشفة على توجهات الدولة وسياستها الأمنية، أشارت صراحةً إلى أن المطلوب من الدولة اليوم هو إنقاذ شركة جهينة من مؤسسها. بطرد عائلة ثابت وخضوع جهينة لإدارة الدولة.
صندوق تحيا مصر
مصدر قضائي مطلع على عمل لجنة التحفظ على أموال الإخوان كشف لمدى مصر، أن الإجراءات القانونية والقضائية من تحفظ وإدارة الأموال، وحتى مصادرتها، لم تحقق للسلطة غايتها في الوصول إلى ما تريده من أموال هؤلاء، خصوصًا في ظل تأمين رجال الأعمال لثرواتهم عبر توزيعها على المقربين منهم وتخبئتها في شركات متعددة، ولهذا تمارس أجهزة الأمن ضغوطها على رجلي الأعمال للوصول إلى أقصى ما يمكنهم دفعه لصندوق تحيا مصر.
زر الذهاب إلى الأعلى