حقوق الإنسانمصر

تفاصيل مروعة عن مقتل الشاب “ديشة” نتيجة للتعذيب داخل قسم شرطة الرمل بالإسكندرية

كشفت “الشبكة المصرية لحقوق الإنسان”، تفاصيل مروعة عن مقتل الشاب مصطفى الشهير بـ “ديشة”، جراء التعذيب داخل قسم رمل ثان بالاسكندرية.

وقالت الشبكة في تقرير نشرته عبر الفيسبوك: “انا هخليكى تحزني عليه قريبا” .. هكذا قال الرائد مصطفى الشيوي معاون مباحث قسم شرطة رمل ثان بالاسكندرية لوالدة الشاب مصطفى ديشة عندما حاولت زيارته فى محبسه.

تعذيب ديشة حتى الموت

وبحسب الشبكة، امتدت فترة حبس ديشة 15 يوما دون أن تتمكن الاسرة من زيارته حتى الإعلان عن وفاته، وأسدلت الستار على جريمة تعذيب مواطن شاب استمرت لأكثر من أسبوعين على يد ضابط شرطة داخل قسم شرطة رمل ثان .

وقالت الشبكة: “رغم تكرار جرائم تعذيب وقتل مواطنين داخل أقسام الشرطة، تتوالى البيانات الصادرة من وزارة الداخلية المصرية، التي تنفي النافية جميع الجرائم المرتكبة، وكان المواطنين هم من يقتلون أنفسهم”.

وبحسب بيان وزارة الداخلية المصرية، فإن الوفاة حدثت نتيجة شجار بين مصطفى ونزيل آخر، صفع على اثرها النزيل الآخر مصطفى على وجهه فوقع وأصيب في رأسه، ليتم نقله إلى المستشفى الميري للعلاج، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.

وأوضحت الشبكة، أن رواية الداخلية تخالف الرواية التي حصلت عليها، والتي أكدت وفاة مصطفى ديشة نتيجة تعذيبه وأنه كان “محطوط عليه جامد” حسب الوصف الذى قيل لهم تعبيرا عن مدى ما كان يعانيه من التعذيب والتعدي المستمر عليه بالضرب المبرح في أجزاء متفرقة من جسده بواسطة الرائد مصطفى الشيوي وبمعاونة المخبر الشهير بالكابتن عشم، وأمين شرطة آخر لم تتمكن الشبكة من معرفة اسمه.

وقد ظهرت آثار الاعتداءات بوضوح على جثمان الشاب الضحية، ومنها كدمات كثيرة منتشرة بمختلف أجزاء جسده، وخاصة في منطقة الرقبة والظهر، إضافة إلى إصابته في الجانب الأيسر من الرأس إصابة مريعة، يرجح أنها جاءت بسبب استخدام آلة حادة أو كعب المسدس نظرا لعمقها الشديد، وكذلك إصابة في أسفل الذقن وفى الأنف تكررت عدة مرات.

وقالت الشبكة المصرية: “لم يشفع لمصطفى أنه كان حسن السير والسلوك وصاحب سجل جنائي نظيف، حيث لم يتم القبض عليه من قبل، ولم يدخل قسم شرطة قبل واقعة القبض عليه، وكان محبوبا من الجيران والمنطقة التي يسكن بها، ليلقى هذا المصير المؤلم”.

القصة باختصار

في يوم الأربعاء الموافق العاشر من أغسطس 2022 الحالي، و كعادة وزارة الداخلية اصدرت بيانا على صفحتها الرسمية بموقع “الفيسبوك” تنفى خلاله وفاة الشاب مصطفى نافع الشهير بـ مصطفى “ديشة” بمنطقة المفتي الجديدة بالرمل بالإسكندرية، نتيجة التعذيب المفضي إلى الموت داخل قسم رمل ثان  بالإسكندرية.

الشبكة المصرية ومن خلال التقرير وبحسب مصادرها رصدت ووثقت ملابسات وفاة مصطفى ديشة، والذي كان يعمل كهربائي سيارات، ويبلغ من العمر 19 عاما (والمولود بتاريخ 28 يونيو 1999).

وأضاف التقرير: “رصدنا على قدر المستطاع المتوفر من معلومات منذ اللحظات الاولى للقبض عليه ظهر يوم 23 يوليو الماضي، وحتى صباح يوم السبت الموافق السادس من أغسطس الجاري، وهو موعد إبلاغ الأسرة باستلام جثمانه من مشرحة كوم الدكة بالإسكندرية بعد 15 يوما من الاحتجاز والتنكيل والاعتداء شبه اليومي كانت كفيلة بإنهاء حياة الشاب المصري داخل مقر الاحتجاز بقسم رمل 2”.

وحصلت الشبكة المصرية على تفاصيل القبض عليه تعسفيا وحتى لحظات وفاته والتي نوردها خلال السطور التالية:

في حدود الساعة الواحدة والنصف ظهرا بتاريخ 23 يوليو الماضي وأثناء جلوس الشاب مصطفى نافع رمضان والشهير بـ مصطفى ديشة، بصحبة صديق له على قهوة (كافتيريا) بأرض المفتي الجديدة بالرمل بالإسكندرية حضرت قوة أمنية من قوة قسم الرمل 2 برئاسة الرائد مصطفى محمد السباعي الشيوي، وألقوا القبض على مصطفى وصديقة.

وعندما اعترض مصطفى على ذلك حدثت مشادة بينه وبين الرائد مصطفى الشيوي وقام على اثرها الضابط بسبه وشتمه بأمه وأبيه المتوفى، إضافة إلى ضربه وصفعه على وجهه امام الحاضرين والمارة، الذين شاهدوا الواقعة، وعندما اعترض ديشة على معاملته بتلك الطريقة المهينة، اقتاده ضابط المباحث إلى قسم شرطة الرمل ثان  حيث جرى الاعتداء عليه هناك بواسطة الضابط المذكور، وعدد آخر من الأمناء والمخبرين.

تلفيق تهم

لم يكتف أفراد الشرطة بذلك، فقد حرروا محضرا رسميا اتهموا فيه مصطفى بحيازة سلاح ناري بالمخالفة للحقيقة، حيث ان مصطفى بحكم عمله كهربائي سيارات كان يحمل (شنطة العدة) وبها “كطر” (آلة حادة تستخدم في تقطيع أجزاء من كابلات الكهرباء لتساعده في عمله ولم يكن يحمل أي اسلحة نارية).

وفي مساء نفس يوم23  يونيو، عرض مصطفى على نيابة رمل ثان المسائية بتهمة حيازة سلاح ناري، وهى التهمة التي تم نفيها، لتأمر النيابة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد، وتبدأ رحلة النهاية.

السكوت خوفا من البطش

مع تزايد الخوف عليه من بطش أجهزة الأمن ومنعه من تقديم شكوى رسمية، سأل فريق البحث بالشبكة المصرية سؤالا منطقيا مفاده: لماذا لم يتقدم مصطفى او أفراد الاسرة بشكوى رسمية للنيابة العامة حول واقعة تعذيبه المتكرر؟ وكان الرد “ومين كان هيحميه من مصطفى بيه وهو تحت إيديه . وهو ما دفع مصطفى إلى السكوت في محاولة لتلافي اضطهاد الرائد مصطفى الشيوي له، وما قد يترتب على ذلك من زيادة التعذيب في حال تقديم الشكوى.

تهديدات بالقتل

تلقت والدته  “تهديدات بالموت لمصطفى”  وذلك خلال فترة وجوده بالقسم التي امتدت لأسبوعين، والتي لم تتمكن خلالها أسرته من رؤيته، بعدما منعت إدارة القسم الزيارات عنه، وكانت الاسرة تترك الاطعمة والملابس والمستلزمات الاخرى في الأمانات من أجل إيصالها له.

وعندما حاولت والدته الاستئذان من الضابط المسؤول الرائد مصطفى الشيوي لرؤيته، فسألها الضابط مصطفى مين؟ فقالت له مصطفى ديشة، فكان رده عليها “هحرق قلبك عليه واخليكى تحزنى عليه قريبا” ، وهو ما حدث بعدما أخبرت أسرته بضرورة استلام جثمانه من المشرحة.

مراوغة وإخفاء الحقائق

ولم يتمكن فريق البحث بالشبكة المصرية من معرفة موعد إرساله الى المستشفى الميري الجامعي، ولكن وحسب التقرير المبدئي فان الوفاة حدثت في الخامسة عصر يوم الجمعة الخامس من أغسطس 2022 بسبب إصابته بارتفاع درجة الحرارة (السخونية ) وهبوط حاد بالدورة الدموية.

وبالرغم من ذلك لم يتم اعلام اسرته بخبر نقله للمستشفى الجامعي (المستشفى الميرى) و بخبر وفاته إلا قبيل ظهر اليوم التالي السبت السادس من أغسطس 2022 ، عندما حضر احد افراد الامن من قوة شرطة رمل 2 الى منزل الاسرة وأبلغهم بأن الضابط الجديد (والذى حل محل الرائد مصطفى الشيوى) -والذى تم نقله في حركة التنقلات الاخيرة الى مكان آخر-  يريد مقابلة الاسرة لأنه عرف ان مصطفى مظلوم وعاوز يساعده (وهو يعلم بوفاته ).

وبالتزامن مع ذلك، حدثت المفاجأة الصادمة، بعد ابلاغ الاسرة فور وصولها لقسم الرمل ثان  بأن عليهم التوجه الى مشرحة كوم الدكة بالإسكندرية لاستلام جثمانه ليظهر التقرير المبدئي للوفاة بسبب هبوط حاد بالدورة الدموية، والتي باتت شماعة لأجهزة الأمن، رغم أنه من المعروف علميا بان الهبوط الحاد ليس مرضا ولكنه يعتبر مرحلة من المراحل الطبيعية للوفاة حيث لابد أن يحدث هبوط حاد في الدورة الدموية والتي يترتب عليها توقف القلب عن العمل والوفاة.

هذا وقد تقدمت الأسرة بطلب الى النيابة لتشريح الجثمان وبيان ما به من إصابات، ولايزال الجميع في انتظار التقرير، رغم أن النيابة قد صرحت بدفن الجثمان عصر يوم الأحد الماضي.

ورغم أن الشواهد كلها تؤدى الى أن النيابة ستنفى تهم التعذيب عن أفراد الشرطة دون أن تستدعي أحدا منهم  وتكتفى فقط بأخذ أقوال شهود عيان تحت رحمة الداخلية وأن يجرؤ أحد منهم قول الحقيقة والا سيكون مصيره التعذيب والهلاك.

فمتى يتوقف التعذيب داخل أقسام الشرطة ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى