أكدت وسائل إعلام إيرانية، اليوم الجمعة، مقتل “قاسم سليماني” قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، في قصف أميركي استهدف سيارته على طريق مطار بغداد.
وقال الحرس الثوري الإيراني، في بيان له اليوم، إن “الجنرال سليماني استشهد فجر الجمعة، في اعتداء نفذه طيران مروحي أميركي قرب مطار بغداد الدولي”.
https://www.youtube.com/watch?v=jgD6kDfjtJ8
كما توفى معه نائب رئيس الحشد الشعبي “أبو مهدي المهندس” وثمانية أشخاص آخرين خلال قصف موكبهم.
https://twitter.com/Terrence_STR/status/1212926519628177410
وجاء القصف الأمريكي في الساعات الأولى من فجر الجمعة، حيث هبطت بمطار بغداد الدولي طائرة تقل الجنرال سليماني، وكان في استقباله قادة كبار من رجاله الخُلّص في قوات الحشد الشعبي.
استقل الجميع مركبتين، وعندما غادروا المطار أمطرتهم مروحية أميركية بقذائف وصواريخ، فقُتِل سليماني وشخصيات مهمة.
بيان البنتاجون الأمريكي.
وفور أعلان مقتل سليماني، تبنت الولايات المتحدة الغارات، وأعلن البنتاغون أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أمر بتصفية الجنرال سليماني “الذي كان في طريقه لرسم خطة لقتل جنود أميركيين” حسب وصفهم.
وجاء في بيان البنتاجون “بتوجيه من الرئيس، نفذ الجيش الأميركي عملًا دفاعيًا حاسمًا لحماية الأميركيين في الخارج بقتل قاسم سليماني”.
وأكد البيان إن سليماني كان “يطور بنشاط خططا للهجوم على الدبلوماسيين الأميركيين وأفراد الخدمة بالعراق وفي جميع أنحاء المنطقة”.
وتابع: “الجنرال سليماني صدق أيضا على الهجمات على السفارة الأميركية في بغداد التي وقعت هذا الأسبوع”.
وحمًلت أمريكا، سليماني وقوات فيلق القدس المسؤولية عن مقتل المئات من أفراد القوات الأميركية وقوات التحالف، وقالت إنه “دبر” هجوما صاروخيا في 27 ديسمبر الماضي والذي تسبب في مقتل أميركي.
كما صرح فيليب سميث الخبير الأميركي بالجماعات المسلحة الشيعية، إن اغتيال سليماني يعتبر “أكبر عملية تصفية على الإطلاق تنفّذها الولايات المتحدة، هي أكبر من تلك التي قتلت فيها أبو بكر البغدادي أو أسامة بن لادن”.
الرد الإيراني.
على الجانب الآخر، أعلنت إيران الحداد ثلاثة أيام على مقتل سليماني، وتوعد مرشدها الأعلى “آية الله علي خامنئي” بانتقام يطال “المجرمين الذين لطخت أيديهم بدمائه ودماء الشهداء الآخرين”.
كما صرح وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية جميع عواقب “مغامرتها المارقة”.
وتوعد رئيس مصلحة تشخيص النظام محسن رضائي، الولايات المتحدة بـ “الانتقام” لمقتل قائد فيلق القدس.
وقالت وكالة “إيرنا” للأنباء، أن سليماني كان قادما من بيروت وليس من سوريا عند مقتله.
وأوضح أمير موسوي الخبير الإيراني في الشؤون الإستراتيجية أن مجلس الأمن القومي الإيراني عقد اجتماعات اتخذ فيها قرارات تتعلق بالرد على اغتيال قاسم سليماني.
وقال موسوي في لقاء مع الجزيرة، إن القرارات المتخذة ترمي إلى التعجيل بسحب القوات الأميركية من المنطقة، مضيفا أن العراق وسوريا ولبنان ستتخذ قرارات بالرد على الولايات المتحدة.
تفاصيل العملية.
وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” تفاصيل عن عملية مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي “أبو مهدي المهندس” وآخرين في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي.
وقالت الصحيفة أن موكبًا كان فيه الرجلان تعرض لقصف صاروخي بواسطة طائرة من دون طيار، نفذته “قيادة العمليات الخاصة المشتركة” الأميركية.
وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى أن الضربة جاءت في أعقاب تحذير صدر من وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر بعد ظهر الخميس لإيران من أن الجيش الأميركي سيشن ضربات وقائية ضد الميليشيات التي تدعمها في العراق وسوريا إذا وجدت “إشارات” على أن هذه الميليشيات تخطط لمزيد من الهجمات ضد القواعد والعسكريين الأميركيين في المنطقة.
وقال جنرال في قيادة العمليات المشتركة في بغداد، إن طائرة قادمة من سوريا كانت تقل الجابري وسليماني حطت في مطار بغداد.
وصرح الجنرال العراقي، أن سيارتين وقفتا أسفل الطائرة التي حطت في المطار وأقلت سليماني، مشيرًا إلى أن المهندس كان في واحدة منهما، ولدى مغادرة السيارتين المطار، تعرضتا للقصف الصاروخي.
وأفادت مصادر آخرى، بأن من بين القتلى في الهجوم الصاروخي الثاني صهر قاسم سليماني (إيراني الجنسية) و صهر عماد مغنية (القائد في حزب الله اللبناني الذي قتل في سوريا).
من هو قاسم سليماني؟!.
وُلد قاسم سليماني في مدينة قم جنوب شرقي إيران عام 1955، وينحدر من أسرة (زراعية) فقيرة، ولم يتجاوز في تعليمه المرحلة الثانوية حيث ترك الدراسة وعمل بنّاءً ثم موظفا بسيطا في إدارة مياه بلدية كرمان وسط البلاد.
بعد نجاح ثورة الخميني عام 1979 التحق بحرس الثورة الإسلامية أوائل عام 1980، وكانت الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، بداية مسيرته القتالية.
خلال الحرب الإيرانية العراقية قاد سليماني فيلق “41 ثار الله”، وهو فيلق محافظة كرمان، وتمت ترقيته ليصبح واحدًا من بين عشرة قادة مهمين في الفرق الإيرانية العسكرية المنتشرة على الحدود.
وتعتقد مصادر استخباراتية أميركية أن سليماني درب المقاتلين العرب في البوسنة، بغية إرسالهم إلى الحدود الإيرانية الأفغانية في عامي 1996 و1997، وسط تصاعد التوتر بين إيران وحركة طالبان خلال حكمها لأفغانستان.
في 1998، تم تعيينه قائدا لفيلق القدس في الحرس الثوري خلفا لأحمد وحيدي، وكان يحمل رتبة عقيد.
وفي سنة 2008، قاد فريقا إيرانيا للتحقيق في مقتل القائد العسكري لحزب الله اللبناني عماد مغنية، وتوسط في العام نفسه لوقف القتال بين الجيش العراقي وجيش المهدي التابع للتيار الصدري بالعراق.
في 2011، تمت ترقية قاسم سليماني إلى رتبة جنرال. وعندما بدأ نظام الأسد يتداعى كلفت طهران الجنرال المخلص للمرشد بإخماد الثورة السورية، وأطلقت يده في جلب مقاتلين شيعة من دول مختلفة.
وفي النصف الثاني من عام 2012، كان قاسم سليماني يدير من قاعدة بدمشق عمليات حزب الله اللبناني ومليشيات عراقية في سوريا.
ومن 2014 إلى نهاية 2016، انخرط سليماني في معارك حلب وقاد مقاتلي المليشيات القادمين من شتى أصقاع الأرض رافعين علنا شعارات الثأر المذهبي.
وبعد أن سقطت الموصل بيد تنظيم الدولة في 2013، ظهر سليماني في المشهد العراقي بالتوازي مع هيمنته على الوضع الميداني بسوريا، وقاد عمليات الحشد الشعبي الذي كان يتبنى شعارات طائفية بحتة.
وخلال معارك طاحنة تمكنت القوات الموالية لسليماني من هزيمة تنظيم الدولة في الموصل وضواحيها، ولكنها تورطت أيضا في تهجير وقتل المسلمين السنة انطلاقا من اعتبارات طائفية، وفق تقارير حقوقية وأممية.
وحسب هادي العامري وزير المواصلات العراقي السابق ومسؤول قوات بدر، فإنه لولا سليماني “لكانت الحكومة العراقية في المنفى ولما كان هناك وجود للعراق”.