ترجماتمصر

ميدل إيست أي: سياسات السيسي التي تغذيها الديون تدفع مصر إلى الهاوية

نوافذ + ميدل إيست آي

نشرت ميدل إيست آي، مقالاً للاكاديمي ماجد مندور، الذي حذر فيه من أن سياسات السيسي القائمة على الديون، ستدفع مصر إلى الهاوية.

وبحسب مندور، ففي مارس 2015، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر استثمار دولي إن مصر بحاجة إلى ما بين 200 و300 مليار دولار “للتنمية”. في ذلك الوقت، بدا هذا الرقم مبالغًا فيه بالنظر إلى أن حجم الاقتصاد المصري في سنة 2015 الذي كان في حدود 332 مليار دولار.

رابط التقرير

لكن في نوفمبر 2019، عندما تفاخر السيسي بالإنجاز الذي حققته الدولة لاستثمارها 200 مليار دولار في المشاريع على مدى السنوات الخمس الماضية. لم يذكر السيسي أنه اتبع سياسة النمو القائم على المديونية والاستثمار المكثف في مشاريع البنية التحتية الضخمة ذات الفوائد الاقتصادية المشكوك فيها، مهيئا بذلك الأرضية لحدوث أزمة اقتصادية عميقة لم تتكشف بعد.

وتكمن جذور الأزمة في الاقتصاد السياسي للنظام، الذي أنتج شكلاً جديداً من رأسمالية الدولة العسكرية، يعتمد على تخصيص الأموال العامة لإثراء النخب العسكرية ، جنباً إلى جنب مع فرض سياسات التقشف المجحف، بدلاً من تطوير ميزة تنافسية دائمة. ترتكز على قطاع خاص ديناميكي ومبتكر.

بحسب مندور أدى ذلك ليس فقط إلى أداء مخيب للآمال للقطاع الخاص، ولكن أيضاً إلى ارتفاع مستويات الفقر، وانخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي، وضعف الطلب في السوق المحلية. يضاف غلى ذلك قاعدة ضريبية ضعيفة، و تقلص الإيرادات الحكومية، مما يعني أن الطريقة الوحيدة لتراكم رأس مال الدولة العسكرية هي من خلال القروض والديون، ما يمهد الطريق لأزمة عميقة، فى ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي.

و سينجم عن تلك الأزمة لاحقاً، عدم المقدرة على سداد الديون وانهيار العملة والتضخم المفرط ، ما يهدد باضطراب اجتماعي شامل.

أصدر البنك الدولي

فقد أصدر البنك الدولي في نوفمبر الماضي تقريرًا يتوقع فيه أن تصل نسبة الدين العام لمصر  بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 96٪ بنهاية العام المالي 2020/21 ، ارتفاعًا من 90٪ في الشهر السابق. 

فيما كانت النسبة 87٪ في عام 2013 عندما تولى الجيش السلطة.

وخلال نفس الفترة، ارتفع الدين الخارجي من 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2013 حتى 39 في المئة في 2019، ليصل إلى مستوى تاريخي من 123.5 مليار دولار  بنهاية يونيو الماضي.

وفي مايو الماضي، أصدرت مصر سندات أجنبية بقيمة 5 مليارات دولار ، وهو أكبر إصدار في تاريخ البلاد، تلاه إصدار سندات آخرى بقيمة 3.75 مليار دولار هذا الشهر.

وقد تسبب هذا الارتفاع السريع في مستوى الدين في ضغوط كبيرة على ميزانية الدولة. 

ففي السنة المالية 2020/2021، تم تخصيص ثلث النفقات لتغطية سداد القروض والفوائد، البالغة 556 مليار جنيه مصري (35 مليار دولار).

ضغوط الميزانية

و يتفاقم هذا الضغط بسبب انخفاض الإيرادات الحكومية وضعف القاعدة الضريبية، فضلاً عن ضعف أداء القطاع الخاص، ما يفرض ضغوطًا إضافية على الميزانية الحكومية. فيما يظل الاقتراض هو الخيار الوحيد الممكن ليس فقط لتغطية العجز الحكومي، ولكن أيضًا لمواصلة حملة الاستثمار الضخمة للنظام.

وقد انخفضت الإيرادات الحكومية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي من 22 في المائة في 2013 حتى 19 في المائة في عام 2020. وهذه تبدو نسبة منخفضة وفقاً للمعايير الإقليمية، ففي الدول المجاورة، مثل المغرب وتونس، وصلت النسبة لـ 27.5 في المئة و 25 في المئة  على التوالي.

الإعفاءات العسكرية

في الوقت نفسه، يتضمن نظام الضرائب الضعيف في مصر الكثير من الإعفاءات الممنوحة للشركات الكبرى، العسكرية والمدنية على حد سواء، ما يهدف لإثراء النخبة، على حساب الإيرادات الضريبية ، التي وصلت بحسب وزارة المالية إلى 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، أي أقل من المتوسط ​​الأفريقي البالغ 16.5 في المائة في عام 2018 (مع وصول المغرب وتونس المجاورتين إلى 28 في المائة و 32 في المائة في ذلك العام).

نشرت ميدل إيست آي، مقالاً للاكاديمي ماجد مندور، الذي حذر فيه من أن سياسات السيسي القائمة على الديون، ستدفع مصر إلى الهاوية.

ولعلّ ما يعمق هذه الأزمة أكثر ضعف أداء الاقتصاد المصري من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي وتدني أداء القطاع الخاص.

إذ لم يتجاوز متوسط ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي ما بين 2015 و2019 نسبة 4.8 بالمائة، وهي أقل من متوسط ​​السنوات الخمس الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

وفيما يتعلق بأداء القطاع الخاص غير النفطي، اعتبارًا من يناير 2020، فهو قد نما لمدة ستة أشهر فقط من أصل 54 شهراً ماضياً.

 ويمكن أن يُعزى هذا الأداء السيئ جزئياً إلى انخفاض الاستهلاك المحلي، مما يعكس ضعف الطلب المحلي وسط تزايد الفقر، والذي لم يتم موازنته بزيادة أداء الصادرات.

وبين عامي 2015 و2018، انخفض المستوى الكلي للاستهلاك بنسبة 9.7 في المائة، في حين زاد مستوى الصادرات قليلا من 17 في المئة إلى 17.5 في المائة في عام 2019 .

و شكلت الصادرات غير النفطية 48 في المائة من إجمالي الصادرات، مما يدل على ضعف الوضع التنافسي لمصر. ومن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو الاقتصادي أكثر ، ليصل إلى 3.5 في المائة في عام 2020 و 2.3 في المائة في عام 2021 وسط جائحة كورونا، كوفيد -19 .

مشاريع السيسي الضخمة

من ثم، فإن مصدر النمو الاقتصادي في مصر يكمن في التدفق الهائل لرأس المال للبنية التحتية والإنشاءات.

ففي عام 2019 ، العام الذي شهد أعلى معدل نمو منذ تولي السيسي السلطة ، كان أكبر مساهم هو قطاع البناء ، الذي نما بنسبة تقدر بنحو 8.9 في المائة ، مدعومًا بمشاريع السيسي الضخمة .

لكن عائدات معظم هذه المشاريع مشكوك فيها في أحسن الأحوال. 

فعلى سبيل المثال، أدى توسعة قناة السويس، التي كلفت 8 مليارات دولار في عام 2015، إلى زيادة عائدات القناة بنسبة 4.7 في المائة فقط على مدى خمس سنوات، لتصل إلى 27 مليار دولار خلال تلك الفترة، وهو بعيد كل البعد عن العائد السنوي البالغ 100 مليار دولار الذي كان النظام يروج له، في بداية المشروع.

إفلاس الدولة

مع وجود قطاع خاص ضعيف ونظام ضريبي تنازلي وإصرار النظام على مشاريع البنية التحتية الكبيرة الممولة بالديون، فقد زُرعت بذور الانهيار المالي.

لا خيار أمام النظام سوى الاستمرار في الاقتراض وزيادة ديونه ومحاولة خفض الإنفاق الحكومي من خلال إجراءات تقشف متزايدة من شأنها أن تزيد الفقر وتزيد التضخم وتضعف الطلب المحلي.

 وهذا بدوره سيدفع النظام إلى الاقتراض أكثر لتلبية احتياجاته التمويلية.

ستتفاقم هذه الدورة من خلال المشاريع الاستثمارية ذات العوائد المنخفضة التي تخدم فقط النخب العسكرية. 

إذا نضبت مصادر الائتمان، وهو أمر محتمل وسط التغيرات في الاقتصاد العالمي، فإن مصر ستواجه احتمال إفلاس الدولة.

 الاضطرابات الاجتماعية المصاحبة، والتضخم المفرط وانخفاض قيمة العملة ستكون ذات نطاق تاريخي، والتكاليف البشرية ستكون هائلة لمصر والمنطقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى