يعتقد الخبير الإقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، أن دخول مصر في حرب سواء في إثيوبيا أو ليبيا، يرتبط بمدى جاهزيتها اقتصاديًا، خاصة أنها تعد دولة مأزومة إقتصاديًا على مدار عقود.
وأضاف الصاوي، فى مقال منشور على عدد من المواقع الإلكترونية : “على الرغم من أن الحروب يكون لها دوافع متعددة، إلا أنها ليست نزهة، فلها تكاليفها المختلفة، ومنها :
خسائر تتعلق بأرواح البشر.
- تدمير لمرافق وبنى أساسية.
- تكاليف اقتصادية، مباشرة وغير مباشرة .
هل مصر جاهزة إقتصادياً للحرب؟
مشيراً إلى أنها عملية غير مضمونة العواقب، فقد يكون نتيجتها انتصار، ومن ثمة تعويض ما تم فقده اقتصاديًا، وقد يكون العكس، و تتأزم الأوضاع الاقتصادية.
“وثمة احتمال ثالث بأن تستمر الحرب لوقت طويل، مما يؤدي إلى استنزاف الثروات، وإزهاق المزيد من الأنفس، مثل تجربة تحالف السعودية والإمارات في اليمن” : أضاف الصاوي.
إثيوبيا وليبيا
موضحاً أن الأحداث التي تعيشها مصر على الصعيد السياسي، ومنها التطورات في قضية سد النهضة بإثيوبيا، وما تتركه من تهديدات حقيقة للأمن القومي المصري، قد تؤدي إلى اتخاذ قرار بالدخول في حرب، وإن كان احتمالًا ضعيفًا.
كما أن تطورت الأحداث في ليبيا، حيث تقدمت قوات حكومة التحالف الشرعية، وتراجعت قوات حفتر التي تساندها مصر،طرح إمكانية التدخل العسكري.
ولكن دخول مصر في حرب سواء في إثيوبيا أو ليبيا، يطرح العديد من الأسئلة:
مدى جاهزية مصر اقتصاديًا للدخول في حرب؟
- هل ستعتمد مصر في حالة دخولها في حرب، على مواردها الذاتية؟ أم تراهن على دعم مادي خليجي صريح، وبخاصة أن كل من الإمارات والسعودية، أعلنتا عن دعمهما لموقف السيسي من الأوضاع في ليبيا؟
حرب مختلفة
وكانت القوات المسلحة المصرية، قد خرجت في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، لتشارك في الحرب على العراق، ضمن قوات التحالف الدولي، لتحرير الكويت.
وحصلت مصر على ثمن مشاركتها بقواتها البرية في ذلك الوقت، بإسقاط 50% من ديون مصر الخارجية، كما تم إسقاط 6.5 مليار دولار ديونا عسكرية مستحقة لأمريكا.
وتم إسقاط ديون دول الخليج على مصر.
مشيراً إلى أن الدخول في حرب هذه المرة، مختلف، فحرب مصر إن وقعت مع إثيوبيا أو ليبيا، لا تحظى بهذا الغطاء الدولي والإقليمي الذي توفر للحرب على العراق.
ففي إثيوبيا، ثمة تعقيدات قانونية ألزمت مصر بها نفسها، بالاتفاق الثلاثي الذي جمعها مع السودان وإثيوبيا، مما أدى إلى تفريط السيسي في حصة مصر من مياه النيل.
أما الحرب في ليبيا، فليست بالبساطة التي يتصورها البعض فثمة شبكة من المصالح، تجعل قرار الحرب الذي تتخذه مصر، مؤثرًا على مصالح دول مثل ايطاليا وفرنسا وروسيا وأمريكا وتركيا، وهو ما سيدعو هذه الدول لممارسة ضغوط عليها.
الدعم السعودي الإماراتي
لكن ربما يعتمد السيسي على الدعم السعودي الإماراتي، في حرب في ليبيا، في إطار إستراتيجية الإمارات والسعودية لمحاربة ثورات الربيع العربي، باعتبار أن حكومة الوفاق الشرعية، امتداد للثورة الليبية.
لكن الأوضاع المالية والاقتصادية لكلا الدولتين تعاني من تراجع واضح، وبخاصة في ظل انهيار أسعار النفط، فضلًا عن التداعيات السلبية لأزمة كورونا على الأوضاع الإقتصادية.
وأوضح الصاوي أنه لابد من استحضار الاستراتيجية التي تحكم هذا الدعم، وهي أن يتم توريط مصر، ثم تركها للاستدانة الخارجية، والحرص على أن تستمر مصر دولة تستجدي الدعم والمساعدات.
وأضاف : “تم هذا في العاصمة الإدارية الجديدة، والعديد من المشروعات التي دخل في فيها السيسي. ولازالت دول الخليج تنتظر ودائعها في البنك المركزي المصري، التي تقدر بنحو 18 مليار دولار، حيث تعجز مصر عن سدادها، وفي كل مر تطلب أجلًا جديدًا للسداد”.
الأوضاع الاقتصادية فى مصر
وأشار عبد الحافظ الصاوي إلى عدد من التداعيات السلبية لأزمة كورونا على مستوى الأفراد والأسر، حيث انخفضت دخول 73% من أفراد المجتمع بسبب الإجراءات الاحترازية، والبطالة، وتراجع الطلب.
كما أن 55% من المشتغلين يعملون لعدد ساعات أقل، وأن البطالة نالت من 26% من المشتغلين.
وعليه فالمؤشرات المالية والاقتصادية، تظهر أن مصر عاجزة عن تسيير أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، في الوضع الطبيعي، فماذا يتوقع لو دخلت في حالة حرب، سواء مع إثيوبيا، أو ليبيا؟
موضحاً أن القرارات غير المدروسة، هي سمة من سمات السلطة الحاكمة في عهد السيسي، وبخاصة أن السيسي، لا يعتد بقضية البحث والدراسة، وأن معظم قراراته كلفت مصر مليارات الدولارات.
مشيراً إلى أن قرار الحرب إذا ما تم اتخاذه، فسيكلف مصر أعباء جديدة، سوف تزيد من قسوة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بمصر، وستكون مصر عاجزة عن سداد تكلفتها لعقود مقبلة.
زر الذهاب إلى الأعلى